كان إطلاق المشروع الإصلاحي، في ضوء النتائج الباهرة للتصويت على ميثاق العمل الوطني، “استجابة لنداء الواجب الوطني واستنهاضا لطاقة البحرين في البناء والتجديد”، حيث فتح جلالة الملك الطريق أمام عهد جديد، مطلقًا مشـروعًا مجتمعيا حضاريًا، لذلك فإن الدرس الذي يجب أن تتعلمه الأجيال الجديدة، عند المرور بذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني، هو أن المجتمعات تحتاج في سبيل عيشها المشترك وتحركها نحو المستقبل إلى وجود ثوابت جامعة تؤطر حياتها وعملها، لأنها تشكل القاعدة الأساسية لاستقرار المجتمع والدولة معا، وتعزيز الشراكة الوطنية على الأصعدة كافة، واعتماد الحوار بشكل مستمر سبيلا وحيدا لصياغة توافقات وطنية تعزز هذا العيش وتوثقه.
لقد شكّل التصويت على الميثاق نقطة تحّول مهمة في تاريخ البحرين، بالإجماع على الثوابت، وبالاستجابة للتطلعات نحو حياة سياسية جديدة، تتناسب والنمو الاقتصادي والاجتماعي الذي تحقق في المراحل السابقة، والعمل الجاد لحل العديد من المشكلات المرتبطة بنوعية المشاركة السياسية، من خلال بناء العلاقة المتوازنة بين المجلس التشـريعي المنتخب والمجلس الاستشاري، وتنظيم الحياة السياسية بشكل متوازن وتدريجي، لحفظ أمن البلد واستقراره، واعتبار التجربة الديمقراطية عملية تراكمية مفتوحة للتطوير. إن الإقرار بالثوابت الجامعة في ميثاق العمل الوطني وخاصة ما يتعلق بهوية البحرين العربية الإسلامية، استقلالها وسيادتها الوطنية، ونظامها الديمقراطي والمواطنة المتساوية، وشرعية الحكم، وحسم تبوء المرأة مركز المواطنة الكاملة بشكل نهائي، تعتبر أمورا أساسية لا يمكن التراجع عنها، بل تحتاج إلى البناء عليها، وبالتالي رفض عقلية البدء من الصفر أو الإقصاء. والعمل في ذات الوقت على تعزيز القيم الديمقراطية وإرساء نهج المشاركة، ضمن التعددية السياسية والتسامح وسيادة القانون وتعزيز مبادئ الفصل والتوازن بين السلطات، وحماية الحقوق، وتأمين حرية الرأي والتعبير في إطار القانون، وإتاحة الفرصة للتنافس عبر صناديق الاقتراع للتعبير عن الإرادة الشعبية، والحفاظ على التوازن بين احترام إرادة الأغلبية السياسية وحماية التعددية السياسية والثقافية بشكل متوازن، بما يعزز الوحدة الوطنية ويسهم في تطوير النظام السياسي وتحقيق النماء والاستقرار.
* كاتب وإعلامي بحريني