العدد 5597
السبت 10 فبراير 2024
banner
علاقة مواقف
السبت 10 فبراير 2024

من الصعب جداً أن تمنحك الحياة أصدقاء كثيرين بما للكلمة من معنى، فمن حولك ممن اعتدت مناداتهم بالأصدقاء، قد يفشلون في أول أو أصغر اختبار بعد سنوات من هذه الصداقة المزعومة.
ورغم أن اللقاءات المستمرة، وتبادل هموم الحياة، وتناول الطعام، ومشاركة السفر، تجعل من العلاقات الإنسانية أكثر قرباً، سوى أنها لا تثمن حجم الصداقة، فما يثمنها المواقف التي تعد الحكم العادل في معرفة وإدراك معدن الصديق وحقيقته. في المقابل، قد لا يلتقي الفرد بصديقه لمدد طويلة من أسابيع وشهور، لكنه يجد فيه الصديق الحقيقي الذي يدرك تماماً معنى الصداقة وصفاتها، وأنها ليست مصالح شخصية تنتهي بانتهاء المصلحة، كما أنها ليست عادة أُلفت فاستمرت، بل مشاعر خاصة لعلاقة إنسانية تقارب الأخوة، وربما تكون أكثر تماسكاً ونقاءً.
الخلاصة أن الصداقة ليست بحجم التواصل ومدته، بل بمعدنها وحقيقتها التي لا تنطوي على مصالح مادية، بل هي علاقة متينة، لا يرتجى من ورائها مصلحة، والمحظوظ في الواقع من يحظى في عمره كله بأصدقاء حقيقيين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة. لا أحد ينكر أن الصداقة علاقة إنسانية ضرورية، فكما قال الإمام الشافعي “سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا”، لكن إلى جانب هذه الأهمية، أفرد الشافعي بعض المقاييس لهذه العلاقة الإنسانية التي تترجمها الأفعال في مواقف معينة، ليس لها ارتباط بالماديات الزائلة.
كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .