دع عنك أسماء المنتخبات وألوانها، وانظر إلى ما يحدث داخل الملعب، ولا تغرنك الترشيحات، أو أرشيف الإنجازات، وطالما أن الفريق لا يقدم ما يشفع له في المستطيل الأخضر، فلن يكون النصر حليفه، تماما كما حدث لكوريا الجنوبية التي كشفها نشامى الأردن على حقيقتها أمام الناس في ذهول سون ورفاقه من البراعة الكروية التي تقدمها كتيبة المدرب المغربي عموتة.
وأعتقد إن لم أكن جازما، أن “ملاك الحظ” الذي كان يرافق منتخب كوريا الجنوبية، حلق يوم أمس عاليا من على كتف المدرب الألماني كلينسمان، ليتفرج على إبداع التعمري وزملائه الأبطال بين المدرجات المشتعلة حماسة، بسقوط رابع العالم 2002 والمرشحة بقوة للظفر بكأس آسيا في نسخته المونديالية، ويبقى الأمل في أن يصل “العنابي” القطري اليوم إلى الخطوة الأخيرة ليصافح شقيقه النشمي في النهائي العربي الموعود، ليكون إسدال الستار مسكا على واحدة من أنجح البطولات الآسيوية على الإطلاق.
أما الحظ الذي أعنيه، فهو لا يكمن في تسجيل منتخب كوريا الجنوبية الأهداف القاتلة خلال المباريات الأربع السابقة، وإنما في تحمل اللاعبين الكوريين عبء التأخر بالنتيجة في كل مرة، واستدراك الموقف بتركيز استثنائي ولياقة عالية تقودهم في نهاية المطاف إلى التعديل ومن ثم الفوز، وقد حدث ذلك في دور المجموعات أمام ماليزيا والأردن، والأدوار الإقصائية أمام السعودية وأستراليا، لكن المثل الشعبي يقول “مو كل مرة تسلم الجرة”، وهذه المرة تقدم الأردنيون بهدف ثم ضاعفوه ولم يخرج ”المارد الكوري” من قمقمه، وظل حبيس المحاولات اليائسة، قبل أن تتحطم آماله على صخرة عراعر الشهيرة في ذيبان!
ختاما، مبارك للأردن هذا الانتصار التاريخي الذي جعل من نسبة فوز العرب بلقب هذه النسخة 50 % وتبقى إيران هي العائق الوحيد أمام وصول المنتخب القطري حامل اللقب والمستضيف ليحكم العرب قبضتهم على اللقب في نهائي الدوحة التي فتحت أبوابها للجماهير العربية واستقبلتهم بالحب والترحاب، لكننا في قارة متنوعة مترامية الأطراف، وبيننا جيران من ثقافات متعددة جاءت هي الأخرى لتترك بصمتها على المشهد الكروي، وقد لا يكون كما نتمناه، خصوصا وأننا نتحدث عن منتخب يعيش نشوة انتصار هز أركان امبراطورية الكرة الآسيوية، وسيعمل على إكمال حلمه القديم، وأمنياتنا في أن يبدده “الأدعم” القطري.