العدد 5593
الثلاثاء 06 فبراير 2024
banner
التطاول المرفوض على قدرات المتلقي العقلية
الثلاثاء 06 فبراير 2024

وسط كم الآراء التي تتيح وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات “لمن لديه سالفة ولمن ليست لديه سالفة” طرحها على الملأ، يعمد البعض إلى محاولة جعل المتلقي يصدق ما لا يمكن إقناع فاقد لعقله به. من ذلك على سبيل المثال القول إن حماس لا يهمها الإنسان الفلسطيني، إنما المحافظة على حياة قادتها وضمان عدم إخراجهم من غزة، أي أنها تؤمن بأن إنقاذ أرواح قادتها أهم من الإنسان الفلسطيني البسيط الذي يموت في اليوم الواحد مرات عديدة، وأنها تعتبر تهميش دور السلطة الفلسطينية نصرا ما بعده نصر. ومن ذلك أيضا القول إن إيران صنيعة إسرائيل، وما يتعرض له الفلسطينيون اليوم هو نتيجة اتفاق بينهما بغية تصفية القضية الفلسطينية، ومنه كذلك أن التوتر المستمر بين الولايات المتحدة وإيران ليس إلا تمثيلية، وأن المناوشات اليومية بالصواريخ والقذائف على الحدود اللبنانية والتي يروح ضحيتها يوميا العديد من اللبنانيين والإسرائيليين تنفيذ لاتفاق سري بين “حزب الله” وإسرائيل.
التغريد والتعبير عن الرأي حق لكل فرد، ولكن للمتلقي أيضا عقل ينبغي أن يحترم لا أن يؤتى بعكس الحقائق المتجسدة على الأرض ويقال له إن ما تراه ليس إلا وهما وتأكيدا على افتقادك بعد النظر والفهم والاستيعاب.
ليس صحيحا أن حماس همها الحفاظ على قادتها فقط، وليس صحيحا أنها تريد تخليص إسرائيل من الفلسطينيين، وليس صحيحا كل ما يقال في مثل الأمثلة أعلاه، حيث الواقع يؤكد عكس ذلك، وحيث إنه لو كان صحيحا لما احتاج الأمر إلى كل تلك التمثيليات.
أن تتخذ موقفا من الآخر فهذا حقك الذي لا ينازعك فيه أحد، وأن تعبر عنه فهو مكتسب مهم، لكن أن تعمد إلى محاولة إقناع المتلقي بأن الشمس تشرق من المغرب فهذا استهزاء به وتطاول على قدراته العقلية وينبغي التوقف عنه خصوصا من قبل المدونين في سجل المثقفين والمفكرين والسياسيين والأساتذة، وإلا فالنتيجة سخرية الناس منهم وانفضاضهم عنهم.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية