تشير التوقعات الاقتصادية لعام 2024 إلى المزيد من التفاؤل بالمقارنة مع العام الماضي، عندما سادت مخاوف من ركود عالمي. ومع ذلك، فإنه من المهم توخي الحذر عند الاعتماد على هذه التوقعات، حيث إنها تخضع لقدر كبير من عدم اليقين والمخاطر، لاسيما في مجال السياسة. ومن المهم عدم التغاضي عن العوامل المجهولة التي يمكن أن تفاجئنا وتغير مجرى الأحداث.
أحد هذه المخاطر ينبع من التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، والتي كانت تتفاقم لعدة سنوات ويمكن أن تتصاعد في أية لحظة. فلقد أثر النزاع التجاري بين الدولتين على كلا الجانبين وأدى إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية. ويمكن أن يؤدي أي تصعيد إضافي في هذا الصراع إلى تداعيات على النمو والاستقرار. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر تنبع من مناطق أخرى حول العالم، مثل إيران وكوريا الشمالية وتايوان، فضلا عن إمكانية تصاعد التوترات في الشرق الأوسط - والتي لا تزال مناطق قادرة على تأجيج الصراعات.
تقوم بعض البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة استجابة للتباطؤ الاقتصادي بهدف تحفيز الطلب وتعزيز الثقة. ومع ذلك، هناك حدود لما يمكن تحقيقه، خاصة عندما تكون أسعار الفائدة قريبة من الصفر أو حتى سالبة في بعض الحالات.
ويبدو أن العام القادم سيحمل نصيبه العادل من الصعوبات، وهذا ينطبق بشكل خاص على الدول النامية، المعرضة بشكل أكبر للصدمات الخارجية ولديها مرونة محدودة في إدارة السياسات. لذلك ينبغي على هذه الدول أن تعطي أولوية للاستثمار في القطاعات التي تخلق فرص عمل وتحسن مستويات المعيشة. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليها تجنب السلوكيات التي تؤدي إلى التراكم المفرط للديون الذي يمكن أن يقوض آفاق نموها على المستوى البعيد.
ومن خلال مشاركتي في كل من لجنة بريتون وودز وفريق منظمة التجارة العالمية لتحديد مستقبل التجارة العالمية، أدرك أهمية التصدي لأربعة تحديات رئيسية تتعلق بالعصر الحالي، وتشمل الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون، خلق فرص عمل عالية الجودة، وتعزيز التنمية المستدامة، وإصلاح العولمة لتحقيق العدالة والتوازن.
تتطلب أية معالجة فاعلة لهذه التحديات وجهات نظر جديدة وحلولا مبتكرة تتجاوز الحكمة والسياسات التقليدية. كما تستدعي جهودا تعاونية بين الدول وأصحاب المصلحة على جميع المستويات، إلى جانب الاستعداد لتجربة أفكار جديدة وتبني الابتكار.