العدد 5570
الأحد 14 يناير 2024
banner
رياء الشهرة
الأحد 14 يناير 2024

ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن كنتم أكثر مالاً وأعزُ نفرا، ليزدكم الله فوق الخير إحسانا، وإن أحسنتم فلأنفسكم، وما جئتم، ولكن الله جاء بكم؛ فكنتم السبيل لسد حاجة محتاج، والوسيلة لإشباع جائع، فلا تغالوا بالعُجب في ذواتكم، لكأنكم الذات الأعلى والمرسلون للطبقات الأدنى؛ فلولاكم لضاعوا وجاعوا وماتوا محسورين. ويحَ من يُلبس الحق بالباطل، وينتحل الخير وهو عين الشر والكِبر والبطر.

أولئك الذين يجاهرون بعمل الخير ويوثقون ذلك في وسائل التواصل لا في صحيفة أعمالهم، قد حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة. من يقدم الخير يفعل ذلك بعيدا عن أعين الناس، كي يسم عمله بالإخلاص ولا تشوب نواياه المخلصة شائبة.
ثم ما هذا التجرد من الاحترام للمعوزين والفقراء من الناس الذين يعيشون بكرامة، لكن هؤلاء المجاهرين بالصدقة والعطاء، أسقطوا ماء وجوههم وجعلوا منهم مادة في السوشال ميديا، يراهم القاصي والداني وهم يتسلمون الصدقة في ذل ومهانة؛ ليظهروا كالمحسنين الأبرار، وليظهر المحسن لهم بمظهر الذلة مجبرين، قد أجبرتهم قسوة الحياة على قبول العون تحت أي اسم كان أو نية أخفيت.
وما الذي قد يستفيده عامة الناس الذين يتابعون هذه الفشخرة الفارغة، التي لا تسمنهم من جوع ولا تروي لهم عطشا، وما قد يستفيد المدون "المحسن" إذا ذهبت أعماله الخيرة أدراج الرياح نتيجة الرياء وحب السمعة؟


لا نقول قطعا إن كل الخيرين في وسائل التواصل يهدفون إلى الصيت حين يركبون قوارب الشهرة التي لا تنجي، بل من الأخيار من يعمل الخير ويفشيه بغية إدلال الغير على طرق الإحسان وتقديم المعونة للمحتاجين الذين لا يعرف الناس حاجاتهم إلا عن طريق هؤلاء الأبرار من الناس، أولئك الذين يؤسسون لعمل الخير ويدعون المؤمنين لحذو حذوهم والتبرع للمعوزين والتصدق في شتى وجوه الخير.

كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية