لا شك أن الوراثة والبيئة التي يعيش فيها أي شخص ويتربى في كنفها يكون لهما تأثير ساحر على شخصيته وأفكاره وتطلعاته، والقليل ممن يكسر التابو ليروح في فضاءات مختلفة ومتنوعة، وهو ما لا يعد خطأ؛ لأنه من الذكاء أيضاً أن يستغل أي فرد معطيات بيئته ومحيطه ليثبت بعد ذلك نفسه، فيختلف ويكون مميزاً بطريقته الخاصة في هذا المجتمع الصغير الذي يعيش فيه.
يقدم الفنان محمد إمام، نجل الفنان الكبير عادل إمام فيلماً يعرض هذه الأيام بعنوان “أبو نسب”، ومحمد فنان موهوب، له حضوره؛ إذ استمد شيئاً من إطلالة والده على الشاشة، كما أن له تجارب سينمائية وتلفزيونية جيدة، وكان ملفتاً بمجمل أعماله السابقة أن إيماءاته وردود أفعاله متقاربة كثيراً مع والده، وهو أمر طبيعي؛ فالكثير من الفنانين تأثروا بعادل إمام، وحاول من حاول تقليده، فما بالك إن كان هذا الفنان ابنه، لكن في هذه الأعمال كان الابن متأثراً بعفوية، أما في فيلمنا هذا “أبو نسب” فقد حاول أن يقدم نسخة متطابقة من والده، وذلك من خلال الإيماءات والتعابير والحركات وحتى الاكسسوارات، وما يزيد الأمر ضراوة هو أن قصة الفيلم تشابه كثيراً قصة فيلم الزعيم “عريس من جهة أمنية”، والذي تتلخص فكرته في تعلق الأب بابنته إلى درجة أنه يلازمها حتى في شهر العسل، ويمنع زوجها عنها، وهو ما يفعله الفنان “ماجد الكدواني” في فيلم “أبو نسب” أيضاً.
أعتقد أن اختيارات ابن الزعيم يجب أن تكون كفيلة بإخراجه من أضواء المقارنة الواضحة للجمهور بينه وبين والده، وبالتالي فإن هذا التطابق الكبير بين القصتين لربما لم يكن مدروساً، كما أنه بحاجة إلى أن يبرز نفسه وشخصيته، خصوصا أنه يمتلك الكاريزما والموهبة الكافيتين ليكون محمداً وليس عادلاً.
* كاتب وأكاديمي بحريني