العدد 5562
السبت 06 يناير 2024
banner
الأحياء في الماضي
السبت 06 يناير 2024

أحد أبرز ما كان يميز المجتمع البحريني بشكل خاص هو العلاقات الاجتماعية التي كانت تجمع أبناء الحي الواحد، ومدى ترابط الناس وقربهم في هذه الأحياء الصغيرة ذات البيوت المتواضعة والمتلاصقة في مدن وقرى البحرين، إلى الدرجة التي كان يعد فيها أبناء الحي الواحد كالعائلة الواحدة المترابطة، إذ يتسابق الجميع لخدمة الآخر، ويفرحون لفرحه، ويحزنون لحزنه، ويقدمون له المساعدة متى ما احتاج إلى ذلك، ويعاونوه على أمور الحياة.
كانت الحياة بعيدة كل البعد عن الأجهزة التي قضت على الواجب في السؤال والاطمئنان على الآخر حتى أصبح الجار لا يعرف اسم جاره، ولا يعرف إن كان بخير أو بصحة لربما غير جيدة، أو أنه ترك البيت في سفر أو يمر بظروف معينة أو غير ذلك، وأصبحت المشاحنات والمشاجرات تحدث على أبسط الأمور وأتفهها كالشجار على مواقف السيارات أو ما شابه، بينما كان الماضي جميلا ببساطته وطيبته وعفويته، وأبناء الحي الواحد يلعبون مع بعضهم البعض كالإخوة أنواعا من الألعاب الشعبية الحركية التي تبني جسما صحيا، فيما صار أبناء هذا اليوم في عداوة مع الحركة، إذ أصبحوا رهناء للشاشات.
إن كل هذا التغير لم يتأت إلا بالاختلاف الذي طرأ على سيكولوجية المجتمع، وتغير سبل التربية ورؤى تكامل العيش المشترك، وهو ما يبعد يوما بعد يوم الأفراد عن بعضهم البعض في هذه المجتمعات الصغيرة التي تشكل بطبيعة الحال وفي نهاية المطاف المجتمع الأكبر بكل صفاته، وهو ما يستحق حقيقة من قبلنا معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك، ومعالجة الجوانب الكفيلة باسترجاع الشكل والمضمون اللذين غديا غريبين على أبناء هذا الزمن، وبعيدين كل البعد للأسف عنهم.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية