هناك بعض الأفكار والقناعات التي يشترك فيها الأفراد، حيث يمكن ملاحظتها ورصدها، خصوصا بالنسبة للمشتغلين في المجال النفسي والعيادي، ولعل أشهر العبارات التي تتردد على أذهان المختصين في جلسة الاستشارة الأولى هو طلب يوجه للطبيب من قبل الحالة (عالجني دون أدوية)، حيث يحرص أغلب الأفراد عند زيارتهم العيادة النفسية على استبعاد فكرة العلاج الدوائي قبل أن يتم تشخيص الحالة ووضع الخطة العلاجية ودون الالتفات لتطور الاضطراب وتأثيره؟ 
تتعدد أنواع العلاج النفسي، فمنها العلاج المعرفي السلوكي الذي يعتمد على تعزيز الجلسات النفسية بالإضافة للعلاجات الأخرى، ولكن يشكل العلاج الدوائي في العلاج النفسي أهمية كبيرة بلا شك، حيث تستخدم الأدوية لعلاج الاضطرابات النفسية المتعددة مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات الذهانية، حيث يتم تحديد الحاجة للعلاج الدوائي من قبل الطبيب النفسي بعد تشخيص الحالة مع متابعة دورية لتأثير العلاج الدوائي وتطور الوضع النفسي.
وهنا لابد من أن نؤكد على أن تتعدد مخاوف وأفكار الأفراد حول استخدام العلاج الدوائي، خصوصا إذا لم تكن هناك معرفة تامة ووعي صحيح غير مشوه، وذلك لأن الأدوية تلعب دورا كبيرا في التأثير على التركيبة الكيميائية للدماغ والجهاز العصبي، لذلك فإنها تساهم في التخفيف من حدة الأعراض للاضطرابات النفسية.
إن العلاج الدوائي للاضطرابات النفسية يفسر بعض المفاهيم العلمية في التشخيص، حيث إن هناك درجات من الاضطرابات قد تتفاقم وتتطور ولا يمكن أن تعالج من غير أدوية، وهنا تحتاج بعض الحالات إلى تغيير المفهوم حول العلاج الدوائي المتزامن مع خطة العلاج النفسي حتى يتحقق الشفاء المطلوب ويعود الفرد ليمارس حياته بصورة سوية، عالجني دون أدوية عبارة لا تجدي لكل الحالات.

كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية