العدد 5565
الثلاثاء 09 يناير 2024
banner
الجرعة التي لا تنفع غزة وأهلها
الثلاثاء 09 يناير 2024

رغم الدمار الذي تشهده غزة والارتفاع في أعداد الذين يفقدون حياتهم يوميا ويتشردون، ورغم ارتفاع أعداد الجرحى وتضرر المستشفيات وشح الأدوية والأطباء والممرضين، ورغم الجوع والعطش، إلا أننا، نحن العربَ والمسلمين المتابعين لما يجري من بيوتنا عبر الفضائيات، لا نزال أسارى عواطفنا التي تقودنا إلى القول إن إنزال الهزيمة بإسرائيل أمر غير قابل للشك، والمنتصر في النهاية هو الشعب الفلسطيني.
هي أمنية دونما شك، لكن الحديث عن الواقع أمر مختلف تماما، حيث الواقع يقول إن غزة تذوب، وإن حماس تواجه الأصعب، وخطوة التهجير تقترب إلا إن حصلت معجزة، فالغرب كله متآمر عليها. جميل أن نتمنى ونحلم ونقول إن النصر حليف حماس وأهل غزة، ولطيف أن نغرق في هكذا أمنية وهكذا حلم، لكن الواقع مختلف، هذه حقيقة ينبغي ألا نتجاوزها، على الأقل كي لا نفاجأ في نهاية المطاف بأننا خسرنا حتى ما تبقى من فلسطين.
الحل المنطقي والعملي والواقعي لما جرى ويجري هو التفكير بواقعية تقودنا إلى حل الدولتين المطروح منذ زمن، فهو المخرج الذي يوفر للفلسطينيين الحياة ويوفر للإسرائيليين الأمن وللمنطقة الاستقرار، من دونه تشتعل الحرب من جديد إن توقفت وترتفع أعداد الذين يخسرون حياتهم من الطرفين ولا تذوق المنطقة طعم الأمن والاستقرار أبدا. لعل البعض يصنف هذا الكلام في خانة الضعف واليأس والاستسلام، لكنه للأسف هو الواقع الذي لا يمكن تجاوزه ولا يمكن للعواطف أن تحل محله، بدليل أن خسائر الفلسطينيين في ازدياد، وبدليل أن الكثير من دول العالم لا تقبل بأن تتضرر، وهو ما عبرت عنه الدول التي سارعت بإرسال سفن حربية للمشاركة في حماية السفن التجارية والتقليل من تأثرها جراء العمليات التي يقوم بها الحوثيون تعبيرا عن تعاطفهم ومؤازرتهم لأهل غزة.
جرعة العواطف الزائدة والابتعاد عن الواقع يضر بأهل غزة والفلسطينيين والقضية الفلسطينية، فالمصالح العالمية تفرض قواعد أخرى.
*كاتب بحريني والمدير التنفيذي لاتحاد الصحافة الخليجية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .