العدد 5558
الثلاثاء 02 يناير 2024
banner
عندما تمتلئ “التترات” بالدموع الكاذبة
الثلاثاء 02 يناير 2024

في مأساة كالتي تعيشها غزة، حيث يموت الأطفال والنساء والضعفاء على الهواء مباشرة جراء القصف الوحشي الذي يقوم به جيش إسرائيل طوال الليل والنهار، من الطبيعي مشاهدة بعض المذيعات من قارئات الأخبار تفقدن التحكم في دموعهن وتنشغلن بتجفيفها بمحارم الورق قبل التمكن من الموقف ومواصلة قراءة النشرة. حدث هذا مع العديد من المذيعات في العديد من الفضائيات وبينهن أجنبيات، لكن عندما تلجأ الفضائية إلى وضع اللقطات التي تظهر مذيعاتها يجففن دموعهن في “التتر” الذي هو مجموعة اللقطات التي تبدأ بها الفضائية النشرة الإخبارية أو بعض برامجها وتكررها فإن الأمر يجعل الكثيرين يشككون في صدق حالة البكاء التي انتابت مذيعاتها، ويعتقدون أنهن إنما فعلن ذلك تنفيذا لتعليمات تلقينها من مالك الفضائية بغية تحقيق غرض سياسي. مثل هذا لم أره إلا في فضائيتين؛ فضائية “العالم” الإيرانية، وفضائية “الميادين” الممولة من إيران، ولعلهما الوحيدتان اللتان ضمنتا لقطات دموع مذيعاتهما في “التترات”.
هذا يدفع إلى الحديث في مسألة مدى سعي البعض؛ فضائيات ومنظمات وأفرادا، إلى استغلال الأحداث التي تجري في غزة وتوظيفها لخدمة أهداف خاصة، وهو أمر لا يختلف أبدا عن أمر أولئك الذين يسرقون المساعدات الإنسانية التي يمكن لو أنها وصلت إلى المرسلة إليهم لأنقذتهم من الموت أو خففت عنهم. مشكلة أهل غزة أنهم تعرضوا ويتعرضون في كل يوم لأنواع من السارقين الذين يعتبرونهم غنيمة وفرصة ينبغي ألا تفوت، فالفرص لا تأتي في كل حين، ولابد للحرب من نهاية. هؤلاء لا يختلفون عن أولئك، وجميعهم يذرفون الدموع الكاذبة ويحرصون على تصوير أنفسهم وهم يفعلون ذلك، وهو ما يحرف القضية عن الحل الذي تدعو إليه العديد من الدول ومنها مملكة البحرين التي تستغل كل مناسبة للتأكيد عليه لأنه الحل المنطقي والعادل. عدا هذا سيبدع السارقون في استغلال القضية وأهلها. 
*كاتب بحريني والمدير التنفيذي لاتحاد الصحافة الخليجية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية