في افتتاح معرض الصديق الفنان جمال عبدالرحيم “فن الحفر والطباعة” قبل أسابيع، قلت له إن تجربتك منفردة في تيار الحركة التشكيلية المحلية، وأسلوبك متطور ويطرح مواضيع إنسانية، ويدل على وعي فكري متطور. هذا رأي كاتب صحافي وليس رأي ناقد، ودائما يكون رأي الصحافي على السطح ولا يصل إلى الأعماق. قالها بصراحة ووضوح “على الأقل وجدنا من يتحدث عن أعمالنا ويكون موجها صائبا”.
هنا سقطت قشرة الحقيقة وعرفت من كلامه أن ساحتنا الفنية تفتقد إلى الناقد الذي تتوافر به هبة التوازن بين العقل والحس والنفس حتى يتاح له الكشف عن القيم المختلفة في العمل الفني دون شطط في الحكم أو اندفاع مع الهوى.. نفتقد إلى الناقد الذي يمتلك ثقافة أدبية وفلسفية إلى جانب الثقافة الفنية الشاملة.. الناقد الذي يكون على قدر كبير من التضحية والتجرد ويعمل جاهدا دون توقف في التحصيل وعناء الإعداد ومتابعة التطورات الأدبية والفكرية والفلسفية ليربط بينها وبين تيارات الإبداع الفني. لا نهضة فنية بلا نهضة نقدية تواكبها، والفنان الكبير بحاجة إلى الناقد الكبير، ومع الأسف نحن في البحرين نعاني من شح النقد في الفنون التشكيلية، وكل ما نشاهده مجرد زيارات خجولة للمعارض التشكيلية وثرثرة صورة طبق الأصل لقارئ يشعر باللامبالاة، ولم أجد أي ناقد أو حتى فنان يضطلع بدور إيجابي وفعّال إلى حد بعيد في التعريف بجوانب عديدة من الحركة الفنية المعاصرة في البحرين، ويساهم بقدر كبير في إنجاح المعارض عن طريق شرح اللوحات ومفهومها.
مجلة البحرين الثقافية فيها مواضيع، لكن معظمها عن أعمال ومعارض خارجية إقليمية وعربية ولكتّاب غير بحرينيين، ورعاية الفنان الصحيحة تكمن في إفساح أوسع المجالات أمامه في هذه المجلة الرائعة التي يرأس تحريرها الزميل الصديق كمال الذيب.
كيف نريد أن يمارس الفن تأثيره على المجتمع بدون نقد وتشخيص؟ لذلك نتمنى من مجلة البحرين الثقافية طالما هي النافذة الوحيدة أن تفرد دراسات نقدية مستفيضة عن معارض الفنانين البحرينيين بما يتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وأيضا لتكون الصفحات الثقافية في صحفنا المحلية مأواه وملجأ مساعدا.
كاتب بحريني