العدد 5525
الخميس 30 نوفمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
العالم يتغير: انتهاء صورة الضحية
الخميس 30 نوفمبر 2023

عند متابعة ما ينشر أو يقال في الإعلام العالمي بشأن العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، يمكن ملاحظة مؤشرات عن حدوث تغيرات جوهرية في الخطاب والاتجاه، نحو إدانة إسرائيل لما تقوم به من إبادة جماعية للمدنيين وحصارهم وخنقهم. ومن الواضح أن هناك أسبابا مباشرة وراء هذا التغير: أن السردية الإسرائيلية التي سبق ترويجها بأنها “الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وهي مهددة من شعوب متوحشة”، (مع أنها الاستعمار الوحيد في العالم الذي يقدم نفسه في صورة الضحية)، قد سقطت وتهاوت في أذهان العديد من الجماهير عبر العالم.
أن حجم الهستيريا العسكرية التي تعامل بها الجيش الإسرائيلي في غزة وحجم التوحش خارج منطق الحرب، وغلبة روح الثأر والانتقام والغرور وجنون العظمة، ما أدى إلى انتهاء صورة الضحية، خصوصا في ضوء حجم التدمير والإبادة التي عززتها التصريحات الجنونية الصادرة عن عدد من كبار المسؤولين السياسيين في الحكومة الإسرائيلية، منها اعتبار الفلسطينيين وحوشا لا يستحقون الحياة، ولا ضير في إبادتهم وتهجيرهم. الأجيال الجديدة في العالم بدأت تتحرر من السرديات الإسرائيلية المعروفة أمام هول التوحش والإبادة وقتل الأطفال وقصف المستشفيات، وذلك بفضل تنامي الوعي وفاعلية وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة.
أن السيطرة الأميركية المنفردة على العالم بدأت تتراجع، نتيجة تخليها عن لعب دور قيادي والإفراط في استخدام القوة العسكرية، وجر العالم إلى منازعات مستمرة لإخفاء المشكلات الحقيقية التي خلقها نظام الجشع الرأسمالي العسكري الذي تمت ترجمته كنظام عالمي جديد. فالعالم اليوم يشهد بداية نهوض لقوى جديدة مؤثرة، ستبدد الصورة الحالية للمركزية الغربية، وهذا من شأنه أن يؤثر تدريجيا على دور وحجم ونوع الدعم المقدم لإسرائيل من دون قيد أو شرط، وسيؤثر لاحقا على مركز إسرائيل وقوتها ودورها في المنطقة وفي العالم. في ظل مثل هذه التحولات الحالية والمنتظرة، ليس أمام إسرائيل إلا العودة إلى سكة السلام والقبول بالشرعية الدولية والتعايش مع دولة فلسطينية مستقلة بسيادة كاملة. فالسلام وحده يحقق الأمن والاستقرار للجميع.
*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .