العدد 5522
الإثنين 27 نوفمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
من يزرع الشوك يجني الجراح
الإثنين 27 نوفمبر 2023

أغنية أطفال صادمة بثتها مؤخراً هيئة الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “كان”، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطفل، وملخصها الأساسي (سنبيد الجميع في غزة، وفي غضون عام لن يتبقى شيء هناك)، واضطرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية لاحقاً إلى سحب الأغنية بعد انتقادات لاذعة من نشطاء إسرائيليين اعتبروا أن “إسرائيل انجرفت وتمادت أكثر من اللازم وبلغ بها الأمر إلى درجة التحريض على الكراهية على لسان أطفالها بكلمات تدعو إلى الإبادة”.
وقد يقول قائل: “إنها الحرب... وهذا هو منطقها، بل وهذا ما قد يحدث في العديد من الحروب التي تقوم على شعار: (نحن أو أنتم)، وهذا ما قد يفعله بعض الفلسطينيين أيضاً في مواجهتهم الاحتلال الإسرائيلي، وهنا يجب القول إنه وبالرغم من أن المبادئ لا تتجزأ، فهناك فرق كبير بين من يحتل أرض الغير ومن يدافع عن أرضه، بين الظالم والمظلوم، بين القاتل والمقتول، كما أن المشكلة أيضاً أن من يلقن الأطفال مثل هذا الكلام ويسعى من خلالهم إلى نقل الكراهية جيلاً بعد جيل لاغتيال المستقبل، لا يمكنه أن يكون جادّاً في الحديث عن السلام والتعايش. ولعل أفضل تعليق على هذه الحادثة هو ما قاله المحلل السياسي الأميركي، باتريك هيننغسن: “يحتاج الأميركيون إلى فهم أن الصهيونية هي إيديولوجيا عنصرية وإبادة جماعية، مثل أية حركة أو طائفة أخرى تدعي التفوق العرقي”.
ونعتقد أن عقدة الشعور بالتفوُّق تتم ترجمتها في ثلاث سياقات: أولاً ادعاء التميز والتفرد والتفوق على الآخرين، وهو ما يشبه نزعات استئصالية أخرى شهدها العالم، كان أول ضحاياها اليهود أنفسهم. ثانياً الكراهية المطلقة للعرب والفلسطينيين بالقول والفعل بالإبادة ومحاولات الاقتلاع والحصار والخنق والإذلال. ثالثاً التخّبط الناجم عن مخيال الأوهام التي تعشش في الأذهان، والمستحضرة من أعماق دهاليز الماضي، والتي تعزز العنصرية والكراهية. لكن من الواضح أن جميع أسلحة الدمار الإسرائيلية والأميركية والأوروبية لن تهزم شعباً يكافح من أجل حريته وأرضه وكرامته. وهاهي شعوب العالم تهتف بصوت واحد: (الحرية لفلسطين)، وتبدي غضبها واشمئزازها من بشاعة الجرائم الوحشية ومن يناصرها.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .