العدد 5507
الأحد 12 نوفمبر 2023
banner
ماذا بعد القمة العربية الإسلامية في الرياض؟
الأحد 12 نوفمبر 2023

عبر العالم العربي والإسلامي عن رأيه القاطع والواضح والحاسم فيما يجري من عدوان تجمعت فيه جميع أوصاف العنف والقسوة والوحشية ضد شعب أعزل ومحاصر، وقالها بوضوح قادة دول وحكومات منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، الذين اجتمعوا أمس (السبت) بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، وإن تعددت الألسنة والخطابات، إلا أنها التقت جميعها في إدانة العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وضرورة تكامل الجهود والتحرك لصد هذا العدوان ووقف كل الممارسات الإسرائيلية اللاشرعية التي تكرس الاحتلال، وتحرم الشعب الفلسطيني حقوقه، خصوصا حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني.
يمكن القول إن البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية بمدينة الرياض وضع الضمير الإنساني والنظام الدولي على المحك وفي اختبار حقيقي، وعليهما إثبات جدارتهما وقدرتهما على طمأنة الشعوب والدول، وعلى إرساء الأمن والسلم، وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في كلمته أمام القمة، فإن على المجتمع الدولي أن يتولى مسؤولياته كافة، لإنفاذ قراراته ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وبالمبادرة الفورية لاعتماد هدنة إنسانية، وتشكيل لجنة دولية طارئة ومستقلة للإشراف على تطبيق القرارات المتخذة.
وفيما يعكس أولوية وإلحاح البعد الإنساني لهذه الأزمة، فقد أكد البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية ضرورة كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل المساعدات التي تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى قطاع غزة بشكل فوري، ولا شك، في أن المجتمع الدولي بأسره يرى ويشاهد أن جل القتلى والجرحى هم من المدنيين، ولاسيما الأطفال وكبار السن، وهو أمر يفترض أن يسبب ألمًا ووجعًا مضافًا إلى الضمير الإنساني، ويدعوه إلى التحرك العاجل والفاعل لوقف تلك المأساة الإنسانية، التي لم يشهد العالم المعاصر مثيلا لها.
وحيث إن مصر هي المفتاح الرئيسي لإحداث انفراجة في هذا البعد الإنساني الملح للأزمة، فقد أكد البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية دعم جهود جمهورية مصر العربية الشقيقة لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف.
وللخطورة الشديدة لما يجري في قطاع غزة من حرب وعنف، وما يحمله من مخاطر انتشارها شرق أوسطيًا بصورة تنذر بحرب واسعة النطاق شديدة المدى والتأثير على جميع دول وشعوب المنطقة، وعلى الأمن والسلم العالميين، كانت مطالبة البيان الختامي لمجلس الأمن باتخاذ قرار فوري لوقف العدوان الإسرائيلي ويدين تدمير إسرائيل الهمجي للمستشفيات في قطاع غزة.
لقد شاهد العالم أجمع ما وقع من مجازر وحشية وجرائم إبادة شاملة للبشر وللبنية التحتية في قطاع غزة، ووصفها العديد من المعنيين والمتخصصين بأنها ترقى لجرائم حرب واضحة تستوجب العقاب والحساب للمسؤولين عنها، فحث البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على بدء تحقيق فوري في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، رافضًا وبشدة المزاعم الإسرائيلية بأن الحرب ضد قطاع غزة تندرج ضمن الدفاع عن النفس.
وفي ظل ما نراه من دعم تسليحي غير مسبوق للجانب الإسرائيلي، على رغم الفارق الهائل في العتاد والإمكانيات والتفوق الساحق لإسرائيل، وهو ما يثير الشكوك في السقف الموضوع لهذه الحرب وأجلها ومداها، فكانت مطالبة البيان الختامي لجميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، درءًا لهذه المخاطر المحتملة التي لا يمكن تصور مداها، وأملا في بدء وإنجاح جهود وقف الحرب وتهيئة الأجواء لعملية تسوية تضمن للشعب الفلسطيني الشقيق إقامة دولته المستقلة أسوة بغيره من شعوب العالم.
وبعد أن سمع العالم الصوت العربي والإسلامي وموقفه الموحد مما يجري في الأراضي الفلسطينية، فإن من المهم الآن أن يظل هذا الصوت مسموعًا، وأن تكون هناك أطر وآليات لتفعيله، وأن يأخذ مسار التنفيذ ليس خدمة للقضية الفلسطينية فحسب، بل وللأمن والسلم الإقليمي والدولي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية