أرسل لي أحد الأصدقاء مقطع فيديو مستفسرًا عن صحة ما يتضمنه من مزاعم عن وجود “بسكويت” قاربت صلاحيته على الانتهاء ضمن صناديق المساعدات المصرية التي سقطت من إحدى الشاحنات داخل رفح في قطاع غزة، فكانت إجابتي الفورية والحاسمة بأن المقطع مفبرك ولا يمكن أن يكون صحيحا أبدا، ولم تمر إلا ساعات قليلة حتى فوجئت بأحد المواقع الإخبارية يبرز نفس هذا المقطع بعنوان مفخخ وغير مهني بالمرة وهو “بسكويت شارف على الانتهاء وأكفان.. مقطع مصور يكشف محتويات مساعدات مصرية لغزة”.
كان واضحًا سوء النية والقصد من هذا العنوان الكبير وما تحته من تفاصيل عبارة عن حديث مرسل لما قيل إنه أحد المواطنين في قطاع غزة يقول إن “بعضا” من “البسكويت” الذي كان في الصناديق، قاربت صلاحيته على الانتهاء، فأرسل إلى أهالي غزة المحاصرين. الغريب كذلك أن الخبر منشور بقسم “السياسة” وفق تقسيم هذا الموقع لمحتويات ما يتضمنه من أخبار، ونهاية الخبر وفي أقل من سطر واحد يحاول الموقع الإخباري أن يظهر كمحايد بالإشارة إلى أنه لا يستطيع التأكد من محتوى المقطع المصور بشكل مستقل، وذلك بعد أن قام بتحريره وتصديره للقارئ مرفقًا بمقطع الفيديو في محاولة لتوجيهه وجهة معينة ضد المواطن والموقف المصري المشرف والداعم لشقيقه الفلسطيني على طول الخط وعلى مر التاريخ، وإلا ما كان على موقع إخباري رصين ونزيه أن يلجأ لما يثار ويتردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات ومقاطع لا تعرف هوية مروجيها ولا تاريخها ولا مكانها بالتحديد، فقط لكي يثبت وجهة نظر يتبناها الموقع بلا اعتبار للمصداقية والمهنية وبعيدًا عن الاحترافية.
مثل هذه المواقع تعتمد على عاطفة الجمهور ومشاعره الحماسية والفياضة في مثل هذه اللحظات لتنشر سمومها وتبث رسالتها الخطيرة وسط الأخبار المتناثرة على مواقعها، وهو ما يجب الحذر منه من قبل القارئ، كما يجب التصدي له من قبل الجهات الرسمية المسؤولة في أية دولة.
* كاتب مصري