العدد 5497
الخميس 02 نوفمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
وقود المستقبل للحرب التي لا تنتهي!
الخميس 02 نوفمبر 2023

أظهرت المواجهة الدائرة حاليا في غزة عددا من الحقائق:

- الورطة الإسرائيلية تعود بالدرجة الأولى إلى كونها قوة احتلال، وما لم تخرج من الأراضي المحتلة، فإنها ستعيش حربا دائمة جيلا وراء جيل. ففشل الجيوش العربية في حرب 1967م كانت نتيجته ظهور منظمة التحرير الفلسطينية، وفشل المنظمة في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني عبر أوسلو مهَّدَ لظهور حماس وتعزيز مكانتها، وستستمر العجلة في الدوران طالما استمر الاحتلال.

- إن كلاًّ من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وراء تصاعد موجة التطرف في المنطقة ككل، إذ جرى الاستخفاف بقوى الاعتدال العربي والفلسطيني التي رفعت شعار الأرض مقابل السلام منذ العام 1991، وجرى إفشال اتفاقيات أوسلو 1993م بإفراغها من مضمونها، ومن ثم الاستخفاف بالمبادرة العربية للسّلام في العام 2002م وتعطيل أيّ جهد لتحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية. ولكن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة أسهما في جعل الدول العربية المراهنة على السلام في التسلل، بل وإضعاف موقفها أمام شعوبها، وفتح الباب أمام قوى أخرى أضفت على قضية التحرر الوطني طابعا دينيا عقديا، في مواجهة حكومات التطرف الديني اليمني الإسرائيلي التي تتحدث عن دولة يهودية خالصة وعن تهجير الفلسطينيين وعن رفع كل القيود أمام الاستيطان والمستوطنين المسلحين، ليعيثوا في الأرض فسادًا.

- أن الإدارة الأميركية التي كانت راعية للسّلام، قد تراجعت عن تلك الرعاية، ونسيت القضية الفلسطينية. وبدلا من ذلك دعمت حكومات التطرف في إسرائيل وأطلقت أيدي اليمين ليدمر أسس الحياة والأمل أمام الفلسطينيين. ولذلك وبعد استفحال الفوضى وفقد الأمل، فإن زمنا جديدا من الحروب والمواجهات قد بدأ، وحرائق غزة المشتعلة حاليا والإبادة الجماعية والتهجير القسري والحصار والخنق، جميعها ستكون وقودا للمستقبل بعد دفن خارطة الطريق واتفاقيات أوسلو ومشروع الدولتين.

ولنتذكر، بهذه المناسبة، أن شارون قبل نحو 17 سنة وعد شعبه بتوفير الأمن والسلام، لكن هذا الزعيم الليكودي المتهم بجرائم حرب صبرا وشتيلا، كانت له أولويات أخرى غير أمن الإسرائيليين، وهي تصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء اتفاقيات أوسلو (التي اعتبرها كارثية)، وفتح بذلك فصلا جديدا من الانتفاضات والمواجهات، وها هو نتنياهو وحكومة الحرب يعيدان الكرَّة في غزَّة... ولكنهما لن يتمكنا على الأرجح من جلب الأمن والأمان ولا تصفية القضية الفلسطينية.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .