العدد 5492
السبت 28 أكتوبر 2023
banner
الإصرارُ على السلم ومواجهة الحروب!
السبت 28 أكتوبر 2023

"السؤال الأول الذي نريد أن نعالجه من خلال منتدى تعزيز السلم، هو: كيف نوقف هذه الحرب المدمرة بجميع صنوفها وصروفها، بجميع مظاهرها وتمظهراتها؟"

أستحضر العبارة أعلاه للشيخ عبدالله بن بيه، والتي تعود للعام 2014، وأنا أتابع العنف والحروب التي تشهدها أكثر من منطقة في العالم، سواء ما يجري الآن في فلسطين وتحديداً قطاع غزة، أو الحرب الروسية – الأوكرانية، فضلاً عن النزاعات المسلحة في أفريقيا وآسيا، والمجموعات الإرهابية التي تنشط في عمليات القتل والترهيب، دون أن نغفل عن خطاب الكراهية الذي يتبناه اليمين المتطرف؛ وجميع هذه الظروف العنيفة التي تحيط بالبشر، تسترعي جهوداً حثيثة من أجل العمل على تحقيق السلم، والحد من الأعمال المسلحة التي يذهب ضحيتها الأبرياء من المدنيين العزل.

"منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" عندما عقدت دورته الأولى عام 2014، برعاية وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، في العاصمة أبوظبي، سعى المجتمعون حينها إلى إرساء ثقافة بعيدة عن التعصب والكراهية، والاشتغال على بناء وعي بأهمية الحوار والتواصل كسبيل لحل النزاعات، لذا أكد العلامة بن بيه أن "الدين الإسلامي يعتبر الحرب شراً، وكان النبي الخاتم يرفض حتى تسمية الأشخاص باسم حرب، وكان يأمر أصحابه أن لا يتمنوا الحرب". هذه الثقافة النابذة للحرب مردها الوعي بالآثار المدمرة للحروب، وما تنتجه من عاهات فكرية وتشوهات قيمية ومشكلات مجتمعية وأمنية واقتصادية وفوضى وغيابِ الاستقرار، فضلاً عما تورثه من أحقاد تنتقلُ من جيل إلى آخر، ويصعب نزعها من النفوس في ظل خطابات فتنوية تغذيها، وظروف بيئية مواتية لها، تسعى لاستثمارها وتوجيهها سياسياً بما يخدم مصالح بعض الدول أو الأحزاب والتيارات الراديكالية.

المهمة التي ينهض بها القائمون على "منتدى أبوظبي للسلم" تستمر بهدوء وصبر وبعيداً عن الضجيج، في عمل متواصل من أجل السلم، في ظل ظروف استثنائية تعيشها منطقة الشرق الأوسط، ما يدفع القائمين على "المنتدى" إلى الإيمان أكثر بصوابية رؤيتهم في أهمية التصدي لـ "شرور الحرب" والعمل على بناء تيار عام عريض ومتنوع مؤمن بمرجعية القانون الدولي وتعزيز السلام ورفض العنف؛ تيار فاعل يستفيد من قوة الدين ورحمانيته في التصدي لكل خطابات الكراهية والانعزالية. هي مهمة شاقة جداً وملحة في آنٍ معاً، وعلى مختلف الفاعلين الدوليين في حقل السلام أن يعملوا سوية من أجل خير البشرية ونجاتها من ويلات الحروب.

كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية