العدد 5483
الخميس 19 أكتوبر 2023
banner
عن مسؤوليتكم الإعلامية في عصر اللامهنية
الخميس 19 أكتوبر 2023

من الصعب إن لم يكن شبه مستحيل، في وقتنا الحاضر أن تنقل وسيلة أو قناة إعلامية الواقع الإخباري بكل حيادية، متجردة من أي انحياز وتعصب، وبعيدة كل البعد عن العاطفة وميلان القلب، فكل قناة إخبارية تتبنى آيديولوجيا بعينها، قائمة ومبنية على الأفكار التي يعتنقها ممولوها سواء كانوا أفرادا أو كيانات كدول أو جماعات، حيث يتم تسخير هذه الوسائل لخدمة أفكارهم التي يتبنونها وأهدافهم التي يسعون لتحقيقها.

من الصعب أن أجعل من هذا الأمر مقبولاً على الرغم من كونه توجه السواد الأعظم من وسائل الإعلام في عصرنا الحديث، لكن ما لا يمكن تقبله فعلاً هو نزع عباءة المهنية كلياً واغتيال المصداقية والاستخفاف بعقول القراء والمشاهدين من خلال فبركة الأخبار وامتهان اختلاق القصص والروايات بما يتناسب ويتماشى مع الأجندة التي تعتنقها قناة معينة أو مذيع أو صحافي بعينه.

بالأمس القريب طالعت إحدى القنوات الأجنبية متابعيها بخبر لا يمت للواقع بصلة، حيث انساقت وراء ادعاءات كاذبة وروايات مغلوطة وذلك في سياق دعمها اللامحدود لطرف معين حتى باتت تتلقف أية روايات من شأنها دعم الجبهة التي تدعمها، القصة التي نقلتها تلك القناة كانت قصة ملفته ركيكة بجميع أركانها استطاع المتابع لهذه القناة بكل بساطة أن يكشف زور وبهتان ما ادعته خصوصاً، والخبر كان بكل بساطة لا يستند لأي دليل سوى رواية منقولة عن طرف من الحدث، وهو الذي اضطر بنفسه لإنكار روايته ما أجبر القناة على الاعتذار لمشاهديها.

لا يمكن في كثير من الأحيان أن تثبت بالجرم المشهود عدم مهنية واحترافية الكثير من وسائل الإعلام، خصوصاً الإخبارية منها، لكن يمكن للمشاهد والقارئ الواعي المستبصر أن يدرك بل ويجزم في أوقات كثيرة على ذلك، لذا بتنا اليوم جميعاً نحمل مسؤولية كبيرة في تحري الوقائع والبحث عن الخبر الصحيح وعدم استنباط الأحكام نتيجة تعرضنا فقط لما نقرأه ونشاهده من هذه الصحف والقنوات، ففي ربط الأحداث وتحليلها والعودة للتسلسل التاريخي من خلال قراءة الكتب، كما أن طرح الأسئلة عن الدوافع والمسببات المنطقية فائدة كبيرة تقودنا في كثير من الأحيان لاكتشاف الواقع وزيف ما تدعيه تلك القنوات.

كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية