العدد 5483
الخميس 19 أكتوبر 2023
banner
إذا... وفقط إذا
الخميس 19 أكتوبر 2023

لا أدري وقت نشر هذا المقال، كيف ستكون الأوضاع في غزة تحديداً، وفي عموم فلسطين، لكنني أرجّح أن التصعيد إن لم يزدد لاستعادة الجيش الإسرائيلي كرامته بشتى السبل، وبأي الأثمان؛ فإنه لن ينكفئ. لذلك، وبعد أن أفاق الجميع من فجأة ما حدث في السابع من هذا الشهر، فإنه لابد أن تترتب ردود الفعل وتأخذ حظها من النضج.


فإذا لم تستطع نصرة الحق، فلا تكن مع الباطل. وإذا لم تكن في موقع المعركة، فلا تكن المعركة التي تشتت الانتباه. وإذا خشيت التعبير عن صريح رأيك في زمن فاسد عفن، فالصمت أولى من التعبير عما لا تؤمن به. وإذا لم تكن ضمادة للمدنيين الذين يُدكّون بالأسلحة المحرمة دولياً، فلا تكن جرحاً إضافياً في معرض جراحاتهم التي لا تندمل. إن لم توجه فوهة أسلحتك الكلامية في الاتجاه الصحيح، فلا تستدر بها إلى أهلك وناسك وسندك وظهرك لتطلقها عليهم من باب التثبيط. إذا ارتكبت ذات يوم خطأ الاعوجاج، فلا تسمح لأن يتحول إلى خطيئة الاندماج. إذا لا تتفق مع حماس، فاتفق مع فلسطين. وإذا تبنّيت الروايات المشككة في فلان وعلان، فإن القضية أكبر بكثير من أفراد يروحون ويجيئون ويمشون على قدمين ولهم من الغرائز الإنسانية ما لدى أكثر الناس. إذا كانت لك قضية وأولوية، فلا يعني هذا ألا يكون رفع الظلم واحداً من ضمن الأولويات، فالحياة أوسع من حصرها في محطة واحدة. إذا لم تقتنع بالرواية الفلسطينية فليس هذا مدعاة لتبني الروايات والسرديات المضادة، والمبالغة في الضدية. ولن أقول كما قال المثقّب العبدي: “فإمّا أن تكونَ أخي بحقٍّ فأعرف منك غثّي من سميني... وإلّا فاطرحني واتَخذني عدوّاً أتَّقيك وتتَّقيني”، فاختلاف الرأي سياسياً لا يقود – حتماً - إلى العداوة، إلا أنها ليست معركة سياسية باردة، ولكنها حرب إبادة انتفضت لها الشعوب، وأيدتها قيادات وحكومات، فالحالة الإنسانية المزرية اليوم في غزة تتقدم كل مشاهد وروابط الانتماءات، وتعلو على جميع القصص وإن كابر من كابر. فإذا لم تكن حجراً في يد الفلسطيني، فلا تكن حجراً على رأسه!.


*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية