العدد 5465
الأحد 01 أكتوبر 2023
banner
تقريري عن محاسبة التكاليف والالتزامات البيئية للأمم المتحدة
الأحد 01 أكتوبر 2023


تحتاج أجندة التغير المناخي العالمية إلى مزيد من العناية؛ فمن الواضح أننا نتخلف عن أهداف صافي الانبعاثات الصفري، حيث أصبحت الظواهر الجوية الشاذة شيئًا عاديًا، كما وقعت العديد من الكوارث الطبيعية، واضطربت الأنظمة المناخية في جميع أنحاء العالم بسبب الاحتباس الحراري.
لقد أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيرًا شديد اللهجة في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك في 23 يوليو 2023، عندما قال: "لقد ولى عصر الاحتباس الحراري العالمي، وبدأ عصر الغليان العالمي". كما صرح رئيس تحالف التنمية الحضرية المستدام، ومقره نيويورك: "لقد دعوت جميع الأطراف المعنية منذ عدة أعوام إلى اتخاذ إجراءات حقيقية، وتقديم المزيد من المساعدة للدول الفقيرة، لتوفير بدائل مستدامة للطاقة، فهي الحلقة الأضعف في معادلة التغير المناخي".
تلك الدول لديها أعباء متزايدة من الدين، الذي له وقع أحجار الدومينو على سياساتها الأخرى، كونه يؤدي في نهاية المطاف إلى التأثير على حياة مواطنيها سلبيًا. فقد أصبح هدف تلك الدول الرئيسي هو تحقيق إيرادات للسداد للدائنين، مما يعني إهمال أي أجندة صديقة للبيئة، وتجريد البلاد من أي سيادة لديها للتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري. لقد أصبحت تلك القروض أداة لتحقيق السيطرة على تلك الدول، وهي ممارسة يجب أن تتوقف.
بل سأذهب إلى أبعد من ذلك وأقول إنه يجب شطب تلك الديون للسماح لتلك الدول بالتركيز على بدائل مستدامة للطاقة، لأنها متخلفة عن الركب بكثير، كما أن تكلفة إبقاء الوضع الرهن كما هو عليه أكبر بكثير على المدى البعيد. فيجب أن نفهم أن التغير المناخي هو مسؤولية مشتركة، وأنه لا يمكن التعامل معه إلا إذا كنا متكاتفين. كما أن أنظمة الطقس والمناخ الخاصة بكل دولة هي بيئة مشتركة، بمعنى أن ما تقوم به كل دولة يؤثر على تلك الأنظمة، ولم يعد بإمكاننا أن نتحمل أن تتبنى بعض الدول الخيارات الصديقة للبيئة وأن تظل دول أخرى تعتمد على الوقود الأحفوري بسبب جشع بعض الدول والبنوك.
وبصفتي رئيسًا للعديد من هيئات المحاسبة الدولية منذ ثمانينات القرن الماضي، وامتلاكي لشركة دولية لخدمات التدقيق المالي - شركة طلال أبو غزاله للتدقيق - يبدو لي أن الدول بحاجة إلى تطبيق أنظمة محاسبة بيئية، ليقدروا بالكامل مدى تأثير تغير المناخ على دولهم والتأثير الكامل لتلك الديون. ولن يتأتى هذا إلا بوجود ممارسات محاسبية سليمة، بحيث يمكن للشركات والحكومات إعداد التقارير بشأن التكاليف والالتزامات البيئية بفعالية، وفهمها بالكامل، ففي نهاية المطاف، لا يمكن للمرء إدارة ما لا يمكنه قياسه.
لقد نبهت لهذا الموضوع منذ عام 1999، عندما كلفتني الأمم المتحدة بقيادة فريق من خبراء دوليين لإصدار تقرير مفصّل بعنوان: "المحاسبة والتقارير المالية للتكاليف والالتزامات البيئية"، تحت إشراف المجمع العربي للمحاسبين القانونيين، الذي أسستُه في عام 1984، وقد صدر بالتشاور مع الأمم المتحدة والمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية ومعايير المحاسبة الدولية، التي كنت رئيسًا لها هي الأخرى. فعندما نفهم تكلفة دين الوقود الأحفوري على تلك الدول، سيكون بوسعنا تقدير تأثيره الكامل ووضع خطة شاملة لما يتوجب فعله لمساعدتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية