العدد 5440
الأربعاء 06 سبتمبر 2023
banner
الدراسات العالمية وأزمة المصداقية
الأربعاء 06 سبتمبر 2023

في عالم اشتد فيه وتنوع التنافس على تصدر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والظهور الإعلامي لتحقيق أفضل المكاسب بزيادة المتابعين والمشاركين والمعجبين، يلجأ أصحاب هذه المواقع كل في مجاله إلى الاستناد على الدراسات الأجنبية العالمية ليؤكد تميزه وتفرده عن غيره من المواقع المشابهة، سواء في الصحة أو الطب أو الرياضة أو حتى الطبخ وغيرها، ناهيك عمن يتحدثون ويتناولون قضايا أكثر أهمية وإنسانية.


هذا الإطار العام يخلق حالة كبيرة من التشويش والإرباك لدى المتلقي والمتابع، خصوصا إذا كان من النوعية التي تقبل ما يطرح دون تفكير أو تقييم أو مراجعة، وإذا كان القائم على المحتوى من غير الأكاديميين المتعمقين في المجال الذي يتحدث فيه، وكل رأس ماله مجرد سنوات معدودة من الممارسة أو الهواية. المستهلك أو المتابع هو الضحية الأولى لهذا السباق اللاهث فقط وراء المال والمصلحة، حيث يجد نفسه أمام كم كبير من الدراسات “العالمية” التي يقبلها بحسن نية دون نقاش، ودون شك في مصداقيتها رغم ثبوت مصالح تجارية وشخصية وراء العديد من هذه الدراسات، وأيضًا ثبوت عدم صحة بعضها بالقدر الذي يرفع نتائجها لمستوى الحقائق المسلم بها.


في عام 2020، وفيما وصف بأول فضيحة بحثية مرتبطة بفيروس كورونا، سحب معدو دراسات حول دواء هيدروكسي كلوروكوين منشورة عبر مجلتي “ذي لانست” و”نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين”، أعمالهم وتقدموا باعتذار قائلين إنهم لا يستطيعون المضي في تبني النتائج التي توصلوا إليها. مؤخرًا، سحبت مجلة تابعة لدار النشر العلمية “سبرينغر نيتشر” دراسة نشرتها العام الماضي، بعدما تبيّن أن ما خلصت إليه بشأن تبعات التغير المناخي مضللة. هناك الكثير من الأمثلة المشابهة في العديد من المجالات التي بات يخوض فيها الكثيرون كوسيلة للكسب والرزق دون علم راسخ أو تخصص ملائم، حيث أحصت مدونة “ريتراكشن ووتش”، والتي تتعقب عمليات سحب المقالات الأكاديمية حوالي 5000 حالة من هذا القبيل في عام 2022، أو حوالي 0.1 في المئة من إجمالي عدد الدراسات المنشورة، وهو ما يدعو إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر وعدم التسليم تمامًا بكل ما يعرض علينا.


* كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .