العدد 5427
الخميس 24 أغسطس 2023
banner
احترام التعدد.. والسعي من أجل السلام
الخميس 24 أغسطس 2023

“إن أهم قيمة يمكن أن تكون مفتاحاً لحل مشاكل العالم هي احترام الاختلاف، بل حب الاختلاف، بحيث ينظر إليه كإثراء، كجمال، كأساس لتكوين المركب الإنساني”، كتب الشيخ عبدالله بن بيه، في مقال له بعنوان “قيمة الحب في حقوق الإنسان”، نشرته صحيفة “عكاظ” السعودية، أكتوبر 2007. المقال المقتضب الذي نُشر قبل نحو 16 عاماً يشير بوضوح إلى أن منهجية العلامة بن بيه في ترسيخ احترام التنوع البشري، ليست أمراً طارئاً، أو فكرة عابرة أتت بُعيد خروجه من “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، إثر وصول التباين الفكري معهم لمفاصل جذرية، تتعلق بحرمة استباحة الدماء، وضرورة حفظ السلم الأهلي، وصون كيان الدولة الوطنية من الانهيار.
بالعودة إلى ثيمة “احترام الاختلاف” التي شدد عليها المقال، نجد أنها مدماكٌ أساسٌ للعلاقة بين المكونات المختلفة في المجتمع، والذي يجب أن ينظر إلى تنوعه بوصفه مصدر ثراء، لا نقطة ضعف، لأن تعدد العقول والثقافات والمعتقدات سيمنح الفكر مجالاً لأن يجترح مشاريع غير نمطية، وينظر لهذا التجاور أو التقابل المعرفي، لا بوصفه “صدام حضارات” أو “نزاع أديان” أو “حروب طوائف”، إنما تجارب إنسانية يجب أن تتراكم، ويستفاد من إيجابياتها دون السلبيات، وتأخذ منها العبرة، بحيث تؤسس لمرحلة تالية من التعاون والتعاضد. الشيخ عبدالله بن بيه وفي مقاله، يشير إلى “انه بحسن إدارتنا للاختلاف وترقية الفضيلة – قانون الفضيلة - إلى جانب قانون حقوق الإنسان يمكن أن نضع أساساً لتفعيل القيم المشتركة ليكون الاختلاف انسجاماً والعداوة محبة طبقاً للآية (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) إنه قانون أخلاقي يثبته القرآن “الإحسان” يورث الإحسان والحب يعطي الحب”.
ما سبق أمرٌ مستصعب في نظر من استسلم للواقع الرتيب، إنما هي مهمة يجب أن ينهض بها أصحاب الحكمة والعقول الراجحة، البعيدة عن الانفعال، الساعية لربط جسور التواصل بين المختلفين، خصوصاً في هذا الوقت الذي تتشبثُ فيه الكثير من الجماعات بأفكارها المسبقة، وتدخل في عزلة متوجسة من الآخر، مرتابة من الحوار معه، معتقدة أن بقاءها سالمة لا يتم إلا عبر نفي المختلف أو حتى التضييق عليه، وهي الأفكار التي على أصحاب مبادرات السلام أن يعملوا على تصحيحها، وترسيخ ثقافة تقوم على أن العيش المشترك واحترام حقوق الإنسان وحفظ كيان الدولة، الأرضية الصلبة التي يجب البناء عليها.

كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .