القضايا المتعلقة بالنساء، دائما ما تكون محل نقاش لدى شريحة من خطباء المنبر الحسيني، خصوصًا في موسم عاشوراء.

مقاطع فيديو كثيرة، لعدد من الوعاظ، تجد في جزء ليس باليسير منها، موقفًا سلبيًا من حضور المرأة في المجال العام، حيث اعتبر بعضهم أن مشاركة النساء في سوق العمل، ضمن تخصصات عدة، أدى لوقوع مشكلات أسرية وأخلاقية، داعين إلى عودة النساء إلى بيوتهن، وتقليص الحقول التي تشغلها النسوة، لتقتصر على مجالات تقليدية جدًا، وضمن نطاق الضرورة! هذه النظرة المتوجسة لدى جمهور من الدعاة تجاه المشاركة المتنامية للنساء في المجال العام، مردها الثقافة التمييزية، التي تفضل الرجل على المرأة، والفهم الذكوري للدين، وأيضًا الربط المرضي بين النساء والشهوة، وكأنهن أساسُ كل انحرافٍ غرائزي في المجتمع!

أيضًا، سوء الفهم لبعض النصوص التراثية، أو الركون إلى روايات ضعيفة وغير معتبرة أو مخالفة لصريح العقل، أو أحداثٍ منتزعة من سياقها التاريخي، وعدم مواكبة العلم والمعارف الحديثة، كل ذلك يؤدي إلى هذه الحدة في الخطاب لدى بعض الوعاظ تجاه النساء، غير ملتفتين إلى أن المرأة البحرينية من السباقات خليجيًا في التعليم والتحديث والتنمية، وأنهن قمن بأدوار وطنية جليلة على مدى عقود متواصلة.

في المقابل، هناك بعض علماء الدين، لديهم موقف متقدمٌ ومعاكس للخطاب القلق من المرأة، حيث يرون أن النساء من حقهن ممارسة الأعمال التي يريدونها دون وصاية من الرجال. مثالٌ على ذلك، محاضرة تحدث فيها أحد الخطباء السعوديين في موسم عاشوراء، مشيدًا بما وفرته “رؤية المملكة 2030” من فرصٍ عملية وتعليمية للنساء، وكيف أن السعوديات أصبحن الآن في مراكز قيادية، ويشاركن في سوق العمل بكفاءة عالية ومهنية. هذا الطرح الإيجابي مرده القراءة المختلفة لدور الدين في الحياة، والتخفيف من النظرة المجتمعية المقيدة لحرية المرأة، والإيمان بحق النساء في اختيار مجالات التعليم والعمل، وأن الدين لم يأت ليفضل جنسًا على آخر.

المنبر الحسيني له تأثير على قطاعات واسعة من الجمهور، لذا حريٌ بأن يكون من يجلس بين ثناياه بصيرًا، عالمًا، متنورًا، بعيدًا عن التعصب أو الانحيازات المسبقة، وقادرًا على مواكبة التطورات الحديثة، وألا يكون المنبر مساحة لمحدودي العلم والخبرة.

*كاتب وإعلامي سعودي