تفاءل الاقتصاديون مؤخرًا على أمل أن يتوقف البنك المركزي الأميركي عن رفع أسعار الفائدة بعد 26 يوليو 2023، نتيجة انخفاض التضخم إلى 3%، ما قد يؤدي إلى تخفيف الضغط على البلدان الأخرى، التي تفاقم تضخمها في الماضي بسبب قوة الدولار. تُظهر التوقعات الحالية ازدهار أسواق الأسهم وانخفاض عائدات السندات، بالإضافة إلى اقتراب الدولار من أضعف مستوياته منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة.
على الرغم من نمو الاقتصاد الأميركي بقوة في النصف الأول من العام، إلا أنه من المتوقع أن يتباطأ ولكنه لن ينكمش. إن النمو المعتدل الذي يؤدي إلى انخفاض التضخم دون التسبب في الركود هو السيناريو المثالي للاقتصادات المتأزمة مثل اقتصاد الولايات المتحدة، بينما يحول التعافي البطيء للاقتصاد الصيني دون ارتفاع أسعار السلع العالمية. فقد بلغ نمو الصين 0.8% فقط في الربع الثاني من عام 2023، بعد تخليها عن سياسة صافي صفر للحد من انتشار فيروس كورونا قبل سبعة أشهر فقط.
ومع ذلك، سيكون من السذاجة افتراض أن الاقتصاد العالمي يسير الآن على الطريق الصحيح. وعلى الرغم من أن التضخم لا يزال منخفضًا، إلا أنه يظل أعلى بكثير من الهدف الذي تصبو إليه البنوك المركزية الأميركية وهو 2%. كان الانخفاض في التضخم في الولايات المتحدة مدفوعًا بانخفاض أسعار الطاقة لمرة واحدة. ومع ذلك، وباستثناء الغذاء والطاقة، ارتفعت الأسعار بنسبة 4.8% عن العام الماضي، مع تجاوز الأجور للنمو في الإنتاجية.
هذا يعني أن الولايات المتحدة تواجه تحديًا كبيرًا للحد من التضخم، وسيكون من الصعب العمل عليه. حتى التضخم المستمر بنسبة 3-4% من شأنه أن يشكل معضلة لمحافظي البنوك المركزية. فقد يضطرون إلى المزيد من التشديد، أكثر مما كان متوقعًا، أو حتى التخلي تماما عن أهدافهم في الحد من التضخم ليصل إلى نسبة 2% فقط. ويمكن أن يكون أي من الخيارين مدمرًا للأسواق المالية والاقتصاد الأميركي.
حتى الآن، في سوق العمل الأميركي، لا تزال حركة التوظيف قوية ونادرًا ما يتم تسريح العمال. ومع ذلك، ومع انخفاض فرص العمل وانخفاض نمو الأجور، ليس من الواضح إلى متى يمكن لسوق العمل التكيف مع هذه التغيرات دون التعرض لأزمات، حيث يعد النقص الأخير في فرص العمل علامة تنذر بالخطر.
وبينما يجني العالم الآن ثمار هذه التطورات، قد تحدث بعض التداعيات في وقت لاحق. فلم تعد الاقتصادات الكبرى تعمل في توافق مع بعضها البعض، لذلك حتى مع توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الفائدة حاليًا، لا تزال الحكومات الأخرى تشعر بالقلق تجاه احتمال حدوث ذلك في المستقبل. ولا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن التضخم وأسعار الفائدة، ما يعني أن الاقتصاد العالمي لم يتخلّ عن خوفه من الركود حتى الآن.