العدد 5419
الأربعاء 16 أغسطس 2023
banner
ماذا لو نعيش روبوتات
الأربعاء 16 أغسطس 2023

تلقيت كغيري مقطع فيديو لشاب يتحدث عن تجربته التي فشل فيها بإقناع والده استخدام التقنيات الإلكترونية الحديثة في حياته الخاصة، وذلك لإنهاء معاملاته البنكية وغيرها من التطبيقات! حيث رافق والده إلى أحد البنوك المحلية لإنهاء معاملة واستغرق ذلك بعضًا من الوقت وحاول أن يقترح على والده أن يلجأ إلى استخدام الحاسوب الشخصي بدلًا من الطريقة التقليدية. نفس هذا الشاب يقول إن والده هو من أقنعه بضرورة اتباع الطرق التقليدية في الحياة قدر الإمكان!
والد هذا الشاب استخدم عبارة جميلة وهي (Human touch)، أو اللمسة الإنسانية التي أصبحنا نفتقدها كثيرًا في حياتنا، فمع هيمنة قطاع الاتصالات والتطبيقات الحديثة، أصبح الناس في عزلة تامة عن الأهل والأصدقاء وحتى زملاء العمل، فقد تطرق والد الشاب إلى أنه عندما يذهب إلى البنك فإنه يصادف الكثير من الأصدقاء وموظفي البنك، ويتبادل معهم الحديث، والحال ذاته عندما يذهب إلى بائع الخضروات والفواكه، منوها إلى أنه تواصل معه عندما لم يزره لمدة يومين وعلم أن شيئا حدث له وقام بدوره بزيارته. وكما يعلم الجميع أن وسائل التواصل الاجتماعي تحد من التواصل وجهاً لوجه بين أفراد المُجتمع، كما تحدّ وسائل التواصل الاجتماعي من القدرة على التواصل العاطفي بين أفراد المجتمع، حيث يقتصر الأمر خلالها على إرسال الرموز التعبيرية للتعبير عن الحزن أو السعادة، لكنها لا تُفسّر بالضرورة حقيقة مشاعر صاحبها.
أنا لست ضد استخدام هذه التطبيقات التي أصبحت الآن أكثر فاعلية واختصارًا للوقت، لكنني في نفس الوقت مع تقنين استخدامها، حيث تُعدّ وسائل التواصل أحياناً سبباً في شعور أفراد المجتمع بالكسل، فقد وصل بنا الأمر إلى طلب كوب القهوة عن طريق تطبيقات الهواتف النقالة لتوصيله لنا في منازلنا! بالله عليكم أعرف بيوتا يزورها عمال التوصيل أكثر من ١٠ مرات يوميًا! حدثني أحد الأساتذة الأفاضل في إحدى الجامعات عن تجربته الشخصية بأنه لمس أثناء تدريسه عن بعد في فترة كورونا أنه فقد “الحميميًّة” في التدريس، وفقد علاقة المدرس بالطالب التي كان يستمتع بها في تدريسه وجهاً لوجه مع طلابه في الجامعة، فأصبح يتحدث مع شاشة بها وجوه الطلبة.
حقًا.. رغم أن اسمها وسائل التواصل الاجتماعي إلا أنها زرعت فينا التباعد الاجتماعي.
*كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .