يبدو أن موضوع علاقتنا بالإعلام الاجتماعي (سوشال ميديا) ستظل شغلًا شاغلًا لما لهذا القطاع من حياتنا من تأثير على حياتنا، خصوصًا أن الداخلين في هذا العالم اللاهث، والراغبين أن يكون لهم مكان مرموق وتأثير في الناس، اعتمادًا على أشكالهم، أو على ثقافتهم، أو على “جرأتهم”، أو على فوضويتهم العارمة، ليس هذا هو المهم، فالمهم هو البقاء في المقدمة وحسب. إلا أن هذه المقدمة صعبة ومتطلبة ومغرية إغراء السلطة والمال في أعين الرجال، أو كما يتردد في القول الشائع “الوصول إلى القمة صعب، والأصعب الحفاظ عليه”، وبالتالي فهذا يعني استباق من يسمّون بالناشطين على السوشال ميديا للبقاء على القمة، وهنا تكمن أم المشاكل.

ففي الأسبوع الماضي ظهر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وانتشر انتشار النار في مخزن قطن، وذلك عن إحدى الناشطات التي قالت لها صديقتها إنه تم سحب مبلغ من حسابها عبر مكالمة هاتفية على الرغم من أنها لم تستجب لطلب صاحب المكالمة بإعطائها معلومات عن الحساب.

المعلومات التي صدرت عن “الناشطة” كان من الغرابة بأن تبقي الناس بين مصدّق ومكذب، وخائف ومتردد حتى في خوفه واطمئنانه.

بالنسبة لي، بعد ثوان من رؤيتي هذا الفيديو، قمت بعرضه على عدد من الأصدقاء الذين منهم متخصصون في تكنولوجيا المعلومات، مع احتمال أن يكون هذا الكلام غير المنطقي هو إحدى شطحات سرّاق المال الجدد، وبعض ما تفتقت عنه ذهنياتهم الإجرامية، ومع تكذيب المتخصصين ونفيهم إمكانية حدوث هذا الأمر، امتنعت عن نشره، أو أن أقوم “بمنشنة” الجميع كما طلبت الناشطة ورجتنا... وما هي إلا سويعات قليلة، حتى صدر تكذيب للواقعة، وتبين أن المجني عليها أعطت الجاني المعلومات، وبقيت هي من الملامات!

خلاصة القول – الذي لا نتوقف عن قوله وترديده – إن الناس في الماضي يعرفون من صنع المصباح، ومن اكتشف الكهرباء، ومن فك اللغة الهيروغليفية، لكنهم اليوم لا يذكرون “أول” من نشر قصة على السوشال ميديا، ولا أول من حذر، ولا أكثر من يركز على جانب معين، فكثرة ما ينشر يغرق الناس بالكثير من المعلومات الصحيحة والمضللة والمفبركة، فليس من داع هذا التكالب على نشر كل ما يصل إلينا، فالمسؤولية كبيرة، وقد يكون فيه إرباك المجتمع وإضرار به والعائد... لا شيء.

*كاتب بحريني