العدد 5392
الخميس 20 يوليو 2023
banner
“رسالتي اليوم أوجهها إلى...”
الخميس 20 يوليو 2023

مع انتشار الهواتف النقالة في العالم، ومنها البحرين - التي تشير أحدث التقارير إلى احتوائها مليونين ومئة ألف هاتف، لشعب تعداده مليون و480 ألف نسمة (ميلت ووتر – يناير 2023) - انتشرت تبعاً لذلك ظواهر عجيبة، منها: “عندي رسالة...”.
بات عدد لا بأس به من الناس يصورون أو يسجلون أنفسهم، لينقلوا أموراً مختلفة ما بين الضحل تماماً، والعادي جداً، وصولاً إلى بالغ الخطورة والأهمية، وما بينهما، ويرسلون هذا كله إلى المجموعات (القروبات) ويطلبون من جميع من تصل إليه “الرسالة” أن يعمل على نشرها لعلها تصل إلى المسؤولين حتى يبادروا بالقيام بالواجب. ومع أن القاعدة الهندسية البسيطة تقول: “إن أقرب مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم”، أي تبليغ هذه الرسائل مباشرة لمن يهمهم الأمر، إلا أن البعض يحاول تغيير هذه القاعدة بأن يذهب إلى الطرق البعيدة التي قد تصل، وقد لا تصل إلى المعنيين، لذلك أقع بين رأيين متناقضين.
إذ تساورني الشكوك أحياناً بأن الأمر لا يتعلق بإيصال رسائل وشكاوى، بل هو أقرب إلى الاستعراضات واستجداء الشهرة والانتشار، بينما جميع الدواوين والوزارات والمؤسسات، لها صفحات إلكترونية رسمية، وفيها من الخدمات ما يمكن أن يوصل من أراد رسالته، وهذا ليس سراً أو خافياً على أحد اليوم، لكن البعض يصر على استعمال التقنيات المتقدمة بطريقة “المصوّت” في الفرجان قبل عشرات السنين، ليس لأنه لا يعرف ولا يجيد الوصول، لكن إرسال الرسائل مباشرة إلى المسؤول ستفقده شهوة الاستعراض، ولذة ذكر اسمه بين الناس.
ومن ناحية ثانية، رأى البعض أن طريقة الدويّ الذي يصاحبه هذا النوع من النشر، والمسارعة إلى لملمة بعض المواضيع قد تكون أجدى نفعاً من طريقة “دارٍ درى، ودارٍ ما درى” إذا ما أرسل المواطن رسالته إلى المسؤول مباشرة. وليس مقطع السائح الكويتي منا ببعيد حيث انتفضت الجهة المسؤولة لمعالجة وضع يعرض القاصي والداني محلياً، وبحّت ألسنة الصحافيين وكتاب “بريد القراء” وهم يتحدثون عنها، بينما بعض المسؤولين يفضلون الشكوى “الغريبة”.
شخصياً، ما إن أفتح مرفقا يبدأ أحدهم يقول فيه: “عندي رسالة...” أو “رسالتي اليوم أوجهها إلى...”، حتى أغلق المرفق فوراً، وربما أحذفه مباشرة، لإصراري “المثالي” على المأسسة، بدلاً من فوضى المناشدات.

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .