العدد 5385
الخميس 13 يوليو 2023
banner
أنا والأمة وهواك
الخميس 13 يوليو 2023

ما إن تقترب الامتحانات أو تصدر نتائج الفصل الثاني من العام الدراسي، حتى تنبري بعض الوجوه العامة، لتعلن تبني سلاسل حفلات التكريم للمتفوقين، تبدأ بتكريم المتخرجين من رياض الأطفال، والتي هي في الأساس فرصتهم لركوب موجة الظهور الاجتماعي، لاستخدامها على الأغلب لأغراض انتخابية ووجاهية.
ومن ضمن هذه الكلمات - التي تحوّلت إلى “كلاشيهات”- أن يتفوق الطالب في سبيل الوطن، ومن أجل الوطن، وخدمة للوطن... وهذه الشعارات – على جمالياتها العامة، إلا أنّ تفحّصها سيقودنا إلى تذكر الماضي ولاشك.
ففي الماضي كانت الشعارات التي تسود الأمة العربية تشدد بأن الأوطان تسمو على الإنسان، وأن الجماعة أهم من الفرد، وأنْ لا يقول المواطن: “أنا” لما فيها من أنانية مستنكَرة مستقبحة، بل يقول: “نحن” بمعانيها المجتمعية الجامعة.
بعد سنوات غوالي، اكتشفت أمتنا أن ما فعلته بإنسانها لم يجلب لها سوى الهزائم في الحرب، والتخلف في العلم، والتراجع في النظام، والتأخر بين الأمم، وأن كل أمة فعلت فعلها آلت إلى ما آلت إليه أمتنا العظيمة في كل مخازنها وكنوزها، ما عدا إنسانها المنتهك المرخّص. هذه السنوات كانت كفيلة -مع انقلاب العلوم وتحولها- بأن تجعل الهوّة العلمية، والرقمية، والإنسانية، والمجتمعية، بيننا وبين الأمم الأخرى، أوسع وأعمق، ولن أبالغ في اليأس بالقول باستحالة ردمها.
ألا يدعو لليأس أن كلاماً يصحّ أن يقال قبل خمسين أو سبعين عاماً، لا يزال يقال وكأنه جديد، وكأن الدروس لم تعلّم أحداً، بأنَّ الأمة ما هي إلا جسد، خلاياه الأفراد، تحيا بتحقق حرية الإنسان، وكرامته، وأمنه على ماله وعرضه، وشعوره بالعدل يسير معه، ويعمل لصالحه كما لصالح الآخرين... وكأن الخمسين سنة المقبلة ستحمل الكلام هذا نفسه من جديد!.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية