العدد 5378
الخميس 06 يوليو 2023
banner
18+
الخميس 06 يوليو 2023

يحدث أن تتصاعد الشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي (خصوصًا) بشأن وجود فصل في كتاب، أو فقرة في إحدى الصفحات التي تعتبر “إساءة” لمذهب من المذهبين الرئيسيين في البحرين، وأن هذا الكتاب إما أنه يدرّس في جامعة ما، أو من جملة المراجع التي يمكن للطالب الرجوع إليها. حينذاك، ترتعد الكثير من الفرائص، وتعلن حالات الطوارئ، ويؤتى بالشاهد والمشهود، وتجرى التحقيقات التي تتميز بالعصبية غالبًا، ويتم سحب المادة، أو الكتاب بأسره، وهنا تضع الحرب أوزارها، وقد تمّ سدّ هذه الفرجة التي يمكن أن تتسرب منها الفتنة الطائفية، وبهذا وأدناها!
وإذا كان البعض يرتجي من النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإثارة، أو الشهرة، أو يشعر بالتورّم الطائفي، وأنه يقف على ثغر من ثغور مذهبه، وعليه أن يذبّ عنه ويذود، وأنه صحيح أن مذاهب تأسست منذ مئات السنين، ولها أتباع وبعشرات الملايين، ومئاتها، من البشر لن تنهار جراء صفحة في كتاب، لكن هذا لا يعني أن يدوس “الآخر” ولو على ظلّي. في الوقت نفسه، يُهرع آخرون إلى كتبهم المتخصصة في الرّد على “أباطيل” الطرف الآخر، وخزعبلاته، ويبدأون في النبش في أراشيفهم عن الشاذّ من شيوخ هذا المذهب أو ذاك للتدليل - من خلال تصريحاتهم وتسجيلاتهم - على فساد عقيدة الطرف الآخر، وكما ترموننا نرميكم، وواحدة بواحدة، وإن عدتم عدنا.
في بلد الغالبية العظمى من مواطنيه مسلمون، والسواد الأعظم منهم ينتمون إما لهذا المذهب أو ذاك (اثنان فقط)، ألا يجدر بالمؤسسات التعليمية أن تعرّف الناس على بعضهم البعض؟ أليس الأجدر أن تضمّن مناهجها الدينية تعريفات علمية رصينة لأصول الفقه عند كل فئة بأقلام أهل المذهب، ومن دون موازنة أو مفاضلة؟ فإذا كان تدريس طلبة المدارس الصغار هذه الأمور قد تكون أكبر من إدراكاتهم، فإن لم يدرسها طلبة الجامعات بشكل صحيح وعلمي، فمتى سيعلمون عنها علم اليقين وليس الظنون، وتقوّل الخصوم، والخرافات التي تجتاح أتباع الفريقين عن الطرف الآخر؟
إن سحب نسخ الكتب، وطمس فقرات “مقلقة” فيها، لا يجدي نفعًا زمان كل ما تسأل عنه تجده، وبدلًا من نفي تهمة الطائفية والتشويه والتقوّل، لنعمل على المعالجة العلمية لها، أليس العلم نورا؟!

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .