العدد 5364
الخميس 22 يونيو 2023
banner
يا للهشاشة!
الخميس 22 يونيو 2023

أعادت الكاتبة اللبنانية نضال الأحمدية – بشكل آخر – ما سبق وأن قالته ضد السوريين، من تعبيرات عنصرية بالغة السوء، ما كان يجب أن تأتي من كاتبة لها جمهور من المعجبين، قد يتأثرون برأيها، ولا أحد يعلم مقدار ردود الفعل تالياً.. فما كان من جمع من السوريين، ممن نعرف، أو لا نعرف لقصور منّا، إلا الرد عليها بأشكال مختلفة، بدءاً من الكاريكاتير، وليس انتهاء بالفيديوهات، وينبري لبنانيون لنبذ ما قالته الكاتبة والتبرؤ منه، فيصطف معها أناس آخرون، وهكذا نبتت “معركة” من لا شيء!
لم تكن هذه الملاسنة الأولى بين الشعوب العربية، ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، بل ستواصل انفلاتها في ما تغري به منصات التواصل الاجتماعي من تحقيق ما يشتهيه الكثير هذه الأيام من الشهرة، ولو بكثرة من ينتقدونهم ويسبونهم ويحطون من شأنهم، سيكفيهم أنهم كانوا “ترند” لفترة من هذا الزمان. لأن ما يحدث يشير بوضوح إلى هشاشة العلاقات، والانعزالية التي تسود المجتمعات العربية، فهذا نفسه الذي حدث قبل سنوات قليلة إثر تصريحات غير منضبطة من فنانين وكتاب وصحافيين ورياضيين، وغيرهم، تجاه أحد الشعوب الأخرى، وما هي إلا لحظات حتى يبدأ القصف المقابل، بأقذع الألفاظ، ويبدأ التسابق بعدها في الاغتراف من أكثر القواميس اللفظية قذارة، بل ويبدع البعض في الإضافة إلى هذه القواميس ما لم يكن فيها ذات يوم.
قد يخطئ مرضى نفسيون أو مهوسو الشهرة – وما أكثرهم – في التعبير، هذا وارد جداً، لكن أن تنبري قطاعات من الشعب للدخول في مباريات لفظية منحطة، إزاء تصريح عابر، أو حتى موقف سياسي، فيبدأ أناس باستعراض ما في جعبتهم من أحطّ الكلام وأسوئه، فهذا – لعمري – التربية الخاسرة التي لم تفلح في البيوت ولا المدارس، لأنها مواقف سرعان ما تنقلب إذا تم إصلاح ذات البين، ولا يبقى في الذاكرة إلا اللطخات التي خلفتها عبارات وإساءات تبادلها الناس لوثت الأجواء وخلفت في النفوس السخام.

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية