حرصت كما حرص العديد من المهتمين بالشأن السياسي على متابعة أعمال اجتماعات الحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي الذي عقد في جولته السابعة في العاصمة الروسية موسكو، وتركزت أهم مخرجات الاجتماع كما كان متوقعا على تأكيد موقف دول مجلس التعاون من العديد من القضايا وعلى رأسها السلام العالمي والأمن الجماعي، والتي تكمن في تفعيل القنوات الدبلوماسية والحوار استناداً إلى الاتفاقيات والقوانين الدولية.
فعلى الرغم من أن أعمال الحوار الاستراتيجي تزامنت مع استمرار الاقتتال بين روسيا وأوكرانيا، وإن لم تكن الجولة الأولى في ظل هذه الحرب، إلا أن ثوابت الدول الست كانت ومازالت ثابتة، وهي القائمة على أهمية الأمن والسلم الدوليين والسعي لتحقيقه سواء بمحاولة التقريب بين الجانبين أو المبادرات السلمية أو حتى الوساطة الفاعلة التي أفضت لعمليات تبادل أسرى بين الروس والأوكرانيين تحت وساطة دول خليجية، لكن تبقى لهذه الجولة خصوصية سياسية حيث عقدت وسط توافقات كبيرة بين الجانبين الخليجي والروسي، وذلك بعد عودة سوريا لجامعة الدول العربية بمباركة خليجية، إضافة لحلحلة الملف الإيراني، وهي الموضوعات التي تباينت حولها المواقف بين كل من الدول الست وروسيا قبل هذه التطورات، ما وضع الطرفين الآن في وضع أقرب مما كان عليه قبل ذلك. كما أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الطاقة وتأثيراتها المباشرة على دول مجلس التعاون كقوة مؤثرة في سوق الطاقة العالمي كانت أحد أهم الجوانب التي جمعت بين الجانبين خلال الفترة الماضية، وإن واجهت في مراحل عقبات تمثلت في الضغوط السياسية الغربية فيما يتعلق بتعويض الإمدادات الروسية وخفض الإنتاج الذي تبنته أوبك +، إلا أنه كما أشار معالي الأمين العام لدول مجلس التعاون جاسم البديوي إلى أن بعض العوائق تكون قصيرة المدى ولابد من العودة للمسار الصحيح بعدها، والمتمثل دون شك في تعزيز التعاون والعمل الجماعي مع جميع الأطراف بما يكفل المصلحة العامة للجميع.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ذكر خلال الاجتماع أن التبادل التجاري بين موسكو ودول الخليج بلغ 11 مليار دولار خلال العام الماضي بزيادة بلغت 6.3 %، وهو ما يدل على تعاظم التعاون التجاري بين الجانبين، وإن كنا كشعوب نطمح بتعاون أكبر وأوسع مع الروس في جميع المجالات وعلى رأسها المجال العسكري، لما له من تأثير إيجابي يعزز استقلالية القرار الخليجي ويدعمه.
* كاتبة وأكاديمية بحرينية