العدد 5385
الخميس 13 يوليو 2023
banner
العيسى وبن بيه والسيستاني والطيب.. مهمةُ حفظِ السلمِ؟
الخميس 13 يوليو 2023

ضمن سلسلة المقالات المنشورة بصحيفة “البلاد”، تطرقتُ في المقال الأخير “تعزيز قيم السلم.. ديمومة العمل المؤسساتي”، إلى أهمية تعاون المؤسسات والقيادات الروحية، من أجل ترسيخ قيمِ العدالة والمساواة. الدين لا يزالُ قيمة حاضرة بقوة في حياة الشعوب المسلمة، وهو محركُ رئيس لكثير من الأفعال، ومؤطر لطرائق التفكير، لذا، فإن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق القيادات الدينية في الدفع باتجاه أن يكون الدين قوة من أجل السلام، وتحييده عن الصراعات السياسية والحزبية، وأيضاً مراجعة السرديات الدينية التي تنطوي على أفكار عنيفة وعنصرية، والتركيز على المشتركات الكبرى التي تجمع البشرية.
هناك وثائق مهمة صدرت في هذا الجانب: “وثيقة حلف الفضول الجديد”، “وثيقة مكة المكرمة”، “وثيقة الأخوة الإنسانية”؛ وهذه النصوصُ يمكنها التأسيس لتصور جامع، لن أقول إنه سيكون ترياقاً سحرياً، إلا أنه سيساهم في تكوين سردية بديلة أكثر نجاعة. هذه السردية البديلة، المناهضة للتطرف، والمؤمنة بحق البشرية في العيش بأمان، لا يمكن أن يكون لها حضور وازنٌ ما لم تدعمها الحكومات المؤمنة بالسلام من جهة، والقيادات الروحية المؤثرة في الشرق الأوسط. هناك شخصيات دينية لها حضور واسع بين المؤمنين، وتنال تقديرَ حكومات الاعتدال في المنطقة، وتشترك فيما بينها في احترامها “سيادة القانون” و”المواطنة” و”نبذ الإرهاب والطائفية”، ما يعني أن الطريق ممهد أمامها للتعاضد، وهو الأمر الذي إذا تم يمكن أن يحدث فرقاً مهماً، ويكون صداً منيعاً أمام المتطرفين.
قيادات ومرجعيات مثل: محمد العيسى، علي السيستاني، عبد الله بن بيه، أحمد الطيب؛ بما لديها من شبكة علاقات واسعة، وكلمة مسموعة لدى قطاع واسع من المسلمين، لنا أن نتخيل “قوة الخير” التي ستتشكل في حال وجود مشاريع عمل حقيقية بين المؤسسات التي تديرها، خصوصاً إذا تم ذلك بالتوازي مع الجهود التي تقودها عدد من الحكومات العربية الساعية لنشر قيم التنوير والحداثة، وترشيد الخطاب الديني. إن قوى التطرف، رغم الاحتراب الذي يتم فيما بينها أحياناً، إلا أنها تتعاون من أجل تدمير السلم في المجتمعات، في الوقت الذي من الأجدر بقوى الخير أن تكون يداً بيد، لأنه “بروح ركاب السفينة يقع تجديد القيم في النفوس، وتأكيد الوعي بوحدة المصير الإنساني، والدعوة إلى هبة ضمير عالمية تعيد لقيم التعاون والتضامن والتراحم فاعليتها”، كما يقول الشيخ عبدالله بن بيه؛ وهي “الروح الرحمانية الجمعية” التي يجب أن تسود ويعملُ على ترسيخها.
* كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية