+A
A-

وسام فتّوح لـ “البلاد”: قروض المصارف العربية تعادل الناتج الإجمالي للمنطقة

  • القطاع المصرفي العربي يوفر  600 ألف وظيفة

  • 450 مؤسسة مصرفية تعمل في المنطقة العربية

  • إطلاق برامج للتحول الرقمي والأمن السيبراني للمؤسسات المالية قريبا

  • تغييرات كبيرة في نموذج عمل البنوك العربية مع توسع التكنولوجيا

 

قال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتّوح إن المصارف والمؤسسات المالية العربية تشهد تغييرات كبيرة في نماذج أعمالها من خلال التوسع في تبني التكنولوجيا والاستثمار في بنيتها التحتية، وفي كثير من الحالات من خلال الدخول في شراكات مع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة (fintech startups) لتحسين قدرتها التنافسية وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات المالية.
وأوضح فتّوح في لقاء مع “البلاد” بمناسبة إعلان مؤسسة “البلاد” الإعلامية عن إطلاقها قائمة أكبر 10 بنوك بحرينية للعام 2023، أنه يوجد حاليًا ما يقرب من 450 مؤسسة مصرفية تعمل في المنطقة العربية، حيث إن تقديرات الاتحاد تبين أن هذه المصارف تدير أصولًا إجمالية تبلغ نحو 4.4 تريليون دولار، مع قاعدة ودائع تقارب 2.8 تريليون دولار. وأشار إلى أن إجمالي أصولها تمثل قرابة 150 % من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية، والودائع قرابة 95 % من الناتج. 
وأكد أن المصارف في المنطقة العربية تلعب دورًا حاسمًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدانها، نظرًا للدور المحدود لآليات التمويل الأخرى، بما في ذلك أسواق رأس المال. 
وأوضح أن إجمالي القروض التي قدمتها المصارف العربية للقطاعين العام والخاص العربية تتجاوز 2.8 تريليون دولار، تمثل ما يقرب من 100 % من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية. كما أن القطاع يوفر فرص عمل لأكثر من 600 ألف شخص.
وقال فتّوح إنه على الرغم من الأزمة غير المسبوقة التي واجهت الدول العربية والمتمثلة بجائحة كورونا والتي أصابت جميع المرافق الاقتصادية دون استثناء، إلا أن المصارف العربية استطاعت عبر جهود جبارة مواجهة تلك الأزمة، واستمرت بتسجيل أداء جيد، سواء كان متمثلا بالنمو أو جودة الأصول أو الربحية.
فيما يلي نص اللقاء مع الأمين العام لاتحاد المصارف العربية:

 ما توقعات الاتحاد لمستقبل القطاع المصرفي العربي؟ وما الاتجاهات الرئيسة التي تحدد مستقبل القطاع المصرفي في العالم العربي؟
أود أولًا الإضاءة على واقع القطاع المصرفي العربي. يوجد حاليًا ما يقرب من 450 مؤسسة مصرفية تعمل في المنطقة العربية. تُظهر تقديراتنا أن هذه المصارف تدير أصولًا إجمالية تبلغ نحو 4.4 تريليون دولار، مع قاعدة ودائع تقارب 2.8 تريليون دولار. ولتسليط الضوء على الحجم النسبي للقطاع المصرفي العربي، أشير إلى أن إجمالي الأصول يمثل قرابة 150 % من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية، والودائع قرابة 95 % من الناتج. وتلعب المصارف في المنطقة العربية دورًا حاسمًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدانها، نظرًا للدور المحدود لآليات التمويل الأخرى، بما في ذلك أسواق رأس المال. وفي هذا الصدد، تشير البيانات إلى أن إجمالي القروض التي قدمتها المصارف العربية للقطاعين العام والخاص العربية تتجاوز 2.8 تريليون دولار، تمثل ما يقرب من 100 % من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية. كما أود أن أضيف أخيرًا أن القطاع المصرفي العربي يوفر فرص عمل لأكثر من 600 ألف شخص، وبنسبة كبيرة من النساء والشباب. وفي ظل الأجواء الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية الصعبة التي تشهدها بعض دولنا العربية، ما تزال المصارف العربية السند الأساس والدعامة الثابتة لاقتصاداتنا والممول الرئيس للقطاعين العام والخاص. كما أود الاشارة إلى أنه على الرغم من الأزمة غير المسبوقة التي واجهت الدول العربية والمتمثلة بجائحة كورونا والتي أصابت جميع المرافق الاقتصادية دون استثناء، إلا أن المصارف العربية استطاعت عبر جهود جبارة مواجهة تلك الأزمة، واستمرت بتسجيل أداء جيد، سواء كان متمثلا بالنمو أو جودة الأصول أو الربحية.
وحاليًا، تشهد الصيرفة في المنطقة العربية تطورين رئيسين يتمثلان في التحول الرقمي المتسارع وفي إدماج ما يُسمى “بالاستدامة” والتمويل المستدام والأخضر في نماذج أعمال المصارف. وتم إعطاء دفعة كبيرة للتحول الرقمي في ظل انتشار جائحة كوفيد 19 خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية وتشغيلية أخرى. وسف يؤدي التحول الرقمي المتسارع في المصارف العربية إلى تحولات جذرية في العمل المصرفي في منطقتنا، حيث ستنشأ مصارف رقمية جديدة، بينما قد نشهد اندماجات بين المصارف القائمة. كما أننا نشهد بالفعل استثمارات كبيرة تقوم بها المصارف العربية في بنيتها التحتية التكنولوجية والرقمية، وصولًا إلى إنشاء “أذرع مصرفية رقمية”. أما فيما يخص الاستدامة، فإن تحديات التحول المناخي والسعي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة تفرض إدماج عناصر الاستدامة المالية في الاستراتيجيات التمويلية للمصارف العربية. 

ما الخطوات التي يتخذها الاتحاد لدعم تطوير المصارف العربية؟
شكل اتحاد المصارف العربية، منذ تأسيسه بالعام 1974 في بيروت، مرجعًا أساسيًا للمجتمع المصرفي والمالي العربي، ونقطة تواصل بين المصارف العربية، ويعمل على توثيق أواصر التعاون بينها والتنسيق بين نشاطاتها، وإبراز كيانها العربي تحقيقًا لمصالحها المشتركة. وانطلاقا من رؤيته، حرص الاتحاد على أن يكون المنظمة المصرفية والمالية الرائدة على مستوى العالم العربي بحيث يعمل على الارتقاء بالصناعة المصرفية والمالية العربية إلى مستوى مهني متقدم. ويرتكز عمل الاتحاد منذ البداية على مواكبة التطورات الاقتصادية والمالية العربية، كما يحرص على أن يكون مركزًا مرجعيًا للمجتمع المصرفي والمالي العربي. وتتمثل الأهداف الأساسية للاتحاد في دعم الروابط وتوثيق أواصر التعاون بين المصارف العربية تحقيقًا لمصالحها المشتركة، وتطوير العمل المصرفي والتمويلي في الدول العربية، وزيادة فعالية الدور الذي تقوم به المصارف ومؤسسات التمويل العربية في دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وحاليًا، وفي إطار جهود اتحاد المصارف العربية الرامية إلى المساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تعزيز وتطوير التعاون المصرفي العربي ووضعه في خدمة أهداف التنمية، سيقوم بإطلاق العديد من المبادرات والأنشطة بالتعاون مع أهم المنظمات الإقليمية والدولية التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وترتبط هذه المبادرات والانشطة بأهداف القضاء على الفقر، ضمان جودة التعليم، تحقيق المساواة بين الجنسين، تعزيز العمل اللائق للجميع، تطوير القدرات التكنولوجية، ومكافحة تغير المناخ وآثاره. 
من جهة أخرى، وفي إطار جهود اتحاد المصارف العربية الرامية إلى المساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تعزيز وتطوير العمل المصرفي العربي وتوجيهه إلى المساهمة في دعم التنمية المستدامة، قام الاتحاد بإطلاق العديد من المبادرات والأنشطة خلال العام الماضي بالتعاون مع عدد من أهم المنظمات الإقليمية والدولية – كالأمم المتحدة والبنك الدولي والـ OECD – والتي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد ارتبطت مبادرات وأنشطة الاتحاد بأهداف القضاء على الفقر، ضمان جودة التعليم، تحقيق المساواة بين الجنسين، تعزيز العمل اللائق للجميع، تطوير القدرات التكنولوجية، ومكافحة تغيّر المناخ وآثاره. ولتنفيذ ذلك، تركزت مبادرات وفعاليات اتحاد المصارف العربية خلال العام 2023 - 2024، والتي تضم البحوث والدراسات والقواعد الإرشادية للمصارف الأعضاء، والمؤتمرات والمنتديات وورش التدريب، حول أهداف التنمية المستدامة، هذا إلى جانب النشاطات التقنية المتعلقة بالعمل المصرفي البحت. 

ما الخطوات الرئيسة التي يتعين اتخاذها لتحقيق التمويل المستدام في العالم العربي؟
إن معظم دولنا العربية هي في وقت أكثر ما تكون بحاجة إلى البدء بتطبيق، وتفعيل، وتطوير برامج التطوير والتحوّل الاقتصادي والاستدامة المالية فيها. وفي ظلّ تراجع إمكانات الدولة على التمويل بسبب تزايد عبء الديون السيادية، لا شكّ أن التحوّل الاقتصادي في دولنا العربية يحتاج إلى مشاركة جدية ومساهمة كبيرة من قبل القطاع الخاص العربي، وعلى رأسه القطاع المصرفي، الذي يحوز على جزء كبير من مدخرات الشركات والأفراد في الدول العربية. وبالتالي، فإن جزءا من التمويل اللازم لسياسات الإصلاح والتحول الاقتصادي والتنمية المستدامة، يمكن الحصول عليه محليًا، عبر آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تمثل اليوم أحد أهم آليات التمويل في العديد من دول العالم. 
وعلى مدى السنوات الماضية، انطلقت دعوات متكررة بأن النماذج الاقتصادية التقليدية بحاجة إلى الإصلاح من أجل معالجة تغير المناخ، وخسائر التنوع البيولوجي، وندرة المياه، وما إلى ذلك، مع الاهتمام بالتعامل مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسة في الوقت نفسه. وأدى ذلك إلى إدراك القطاعات الاقتصادية، ومن بينها القطاع المصرفي، أنه لا يمكن مواكبة المتغيّرات الجذرية في مفهوم التنمية حول العالم إلا باعتماد أساليب جديدة تأخذ في الاعتبار المعايير البيئية – وتحديدًا ما يُسمى بالصيرفة الخضراء والتمويل الأخضر . وهكذا، نشأت مسؤولية كبيرة على المصارف – وهي الممول الرئيسي للقطاعات والنشاطات الاقتصادية في دولنا العربية – تتلخص في تطبيق معايير الاستدامة، والتشدد في تمويل المشروعات المُضّرة بالبيئة، وتضمين شروط قبول منح الائتمان اعتبارات ومعايير الاستدامة. وبعبارة أخرى، يتوجب على المصارف عند دراسة الجدوى الاقتصادية والمالية للمشروع المطلوب تمويله، دراسة الجدوى (او الأثر البيئي) للمشروع، وبالتالي اعتماد قرار التمويل على معايير الاستدامة إلى جانب معايير الجدوى المالية والربحية. مما سبق، يَظهر الدور الأساسي المنوط بالمصارف والمؤسسات المالية العربية في المساهمة في الاستدامة، ومكافحة التغيّر المناخي، ودعم التحول إلى اقتصاد مستدام وأخضر في منطقتنا العربية، عبر التشدد في تمويل المشروعات المضرّة بالبيئة، والتحول بشكل أسرع إلى التمويل المستدام والاخضر. وعليه، فإن اتحاد المصارف العربية – وأمام هذا الواقع – أصبح معنيًا كغيره من المنظمات الإقليمية والدولية التي تدعم تطبيق اهداف التنمية المستدامة، بمواجهة هذه التحديات، والبناء على القرارات الدولية، ومتابعتها ووضع الآليات في نطاق حدوده، لتعزيز ثقافة الاستدامة، والتمويل المستدام، والصيرفة الخضراء في المنطقة العربية، عن طريق تشجيع الاستثمارات والإقراض الداعمة للبيئة لدى مصارفنا العربية، وتنظيم المؤتمرات والندوات ذات الصلة لترسيخ هذا الدور المصرفي العربي الذي يقوم أساسه على معرفة “الاقتصاديات البيئية” و ”الصيرفة البيئية”، والإضاءة على العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والتمويل والنظام البيئي الطبيعي، والتعرف على الأثر السلبي المحتمل للنشاطات الاقتصادية على التغيُّر المناخي والاحتباس الحراري، بما يناقض ما يعرف بـ “الاقتصاد الأسود”، الذي يعتمد على الوقود الأحفوري، لضمان تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي والتنمية المستدامة، وتوفير ما يعرف بفرص العمل الخضراء والحفاظ على الطاقة الصديقة للبيئة، ومنع التلوّث البيئي، واستنزاف الموارد الطبيعية والحد من التراجع البيئي.

 كيف يمكن للمصارف العربية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتحسين الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء؟
يُعدّ التطور الرقمي من أهم ركائز مستقبل القطاع المالي والمصرفي، حيث يتّجه العملاء بشكل متزايد نحو تنفيذ معاملاتهم المصرفية من خلال التطبيقات الإلكترونية والحلول الذكية. وشكّل قطاع التكنولوجيا المالية خلال السنوات القليلة الماضية ثورةً في الأنظمة المالية العالمية والعربية، حيث نجحت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة العربية في تقديم حزمة متنوعة من الخدمات المالية تتضمن خدمات المدفوعات والعملات الرقمية وتحويل الأموال وكذلك الإقراض والتمويل الجماعي وإدارة الثروات بالإضافة إلى خدمات التأمين. ولذلك، تسعى المصارف والمؤسسات المالية العربية حاليًا إلى إدخال تغييرات في نماذج أعمالها من خلال التوسّع في اعتماد التكنولوجيا والاستثمار في البنية التحتية الخاصة بها، وربما الدخول في شراكات مع الشركات الناشئة لتحسين قدراتها التنافسية وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات المالية. ولكن، وفي حين أن هناك فوائد واضحة من التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، تواجه المصارف والجهات الرقابية تحديات الحفاظ على مستوى إدارة المخاطر نفسه، وعلى معايير الرقابة والحماية لقنوات التوصيل الجديدة الناشئة التي تقدمها المؤسسات المالية عبر التكنولوجيا المالية. 
وأود أن أشير إلى أنه ولمواكبة التطورات الرقمية والتكنولوجية المصرفية العالمية، أطلق اتحاد المصارف العربية في بداية شهر مايو 2023 من خلال معهد إدارة المخاطر المالية والمصرفية التابع له، برنامج تدريبي عالي المستوى موجه للقيادات المصرفية العليا، تحت عنوان “التطورات الرقمية في المصارف”، كما أن المعهد بصدد إطلاق برامج حول التحول الرقمي في المصارف وبرامج حول الأمن السيبراني قريبًا. 
مع الإشارة إلى أن تفشي جائحة كوفيد 19 في بداية العام 2020 قد أدى إلى زيادة التحول الرقمي إلى حد كبير، والذي كان قد بدأ قبل بضع سنوات. فقد أدى انتشار الجائحة وعمليات الإغلاق الناتجة عن ذلك إلى جعل التحول الرقمي ضرورة لجميع المؤسسات والمنظمات من أجل استئناف العمليات ومواصلة تقديم الخدمات لعملائها. في الواقع، مع زيادة الاتجاهات العالمية نحو اعتماد الرقمنة، زاد الإنفاق على البنية التحتية التكنولوجية، خصوصا الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، حيث وعلى سبيل المثال – تجاوز الإنفاق العالمي على هذا النوع من التكنولوجيا في الأعمال مبلغ 50 مليار دولار في العام 2020، ومن المتوقع أن يصل إلى 110 مليارات دولار في العام 2024. ويُعد التحول الرقمي أحد أهم ركائز مستقبل القطاع المالي والمصرفي، حيث يتجه العملاء بشكل متزايد نحو تنفيذ معاملاتهم المصرفية من خلال التطبيقات الإلكترونية والحلول الذكية. وعلى المستوى العربي، بدأت التكنولوجيا المالية تكتسب زخمًا قويًا في عدد من الدول العربية ابتداء من العام 2012، وتدريجيًا، بدأت التكنولوجيا المالية تشكل ثورة في الأنظمة المالية العربية، حيث نجحت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة في تقديم حزمة متنوعة من الخدمات المالية، بما في ذلك خدمات المدفوعات والعملات الرقمية وتحويل الأموال، وكذلك الإقراض والتمويل الجماعي وإدارة الثروات وغيرها. لذلك، تجري المصارف والمؤسسات المالية العربية تغييرات كبيرة في نماذج أعمالها من خلال التوسع في تبني التكنولوجيا والاستثمار في بنيتها التحتية، وفي كثير من الحالات من خلال الدخول في شراكات مع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة (fintech startups) لتحسين قدرتها التنافسية وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات المالية.