العدد 5356
الأربعاء 14 يونيو 2023
banner
وما أكثرهم
الأربعاء 14 يونيو 2023

من التجارب الجميلة التي قام بها بعض العلماء لدراسة السلوك الحيواني، أن أخذوا مجموعة من “القباقب” ووضعوها في آنية زجاجية مستطيلة، ثم بدأوا مراقبة تصرفاتها، وبعد لحظات صمت وترقب بطيئة، بدأ أحد القباقب في تسلق الجدار الزجاجي بصعوبة للخروج من الآنية، وقبل أن يصل الحافة بقليل تفاجأ بقبقب آخر يسحبه إلى الأسفل، وهو يحاول الصعود من ذات المكان، بالرغم من وجود مساحة واسعة بالآنية، والتي يمكن تسلقها بأكثر من نقطة، وتكرر السيناريو مرات عديدة، فكلما حاول قبقب الصعود، قام نظراؤه بسحبه للأسفل، وهي تحاول الصعود والنفاذ بجلدها من نفس المكان، فكانت النتيجة مع مرور الوقت موت جميع القباقب.
وتقودنا هذه التجربة إلى أمرين نعاني منهما في مجتمعاتنا، الأول من بعض زملاء العمل الذين يتركون كل شاردة وواردة في عملهم وحياتهم، ليركزوا مع زملائهم و(بالإنش) ما الذي يفعلونه؟ وما الذي لا يفعلونه؟ لكي “ينغصوا” عيشتهم، حسد وغيره، وبنتيجة محصلتها النهائية تدمير بيئة العمل، وتحويلها إلى جو مسموم، لا يطاق. الأمر الآخر، حالة الاستنساخ المؤسفة التي يقوم بها الدخلاء على العمل التجاري، ولربما الجشعون منهم، عبر تقليد أفكار الآخرين، دون بذل أي جهد منهم، في استحضار مشروع جديد، فما إن يفتح فلان مغسلة، حتى يسارع سبعون شخصا لفتح ذات المشروع في نفس الشارع ونفس المكان وبنفس الطريقة والأسعار والتسويق، ولكم قياس ذات الأمر على الكثير من المشاريع الأخرى، بالرغم من أن السوق كبيرة، والمشاريع كثيرة، والفرص متاحة وتنتظر من يقتنصها، تماماً كالقباقب في التجربة السابقة، التي تركت الآنية الزجاجية كلها، وحاولت الصعود من ذات النقطة التي تحرك بها القبقب الأول.
أعتقد وغيري كثيرون بأننا نواجه يومياً الكثير من هؤلاء “القباقب”، ممن يصعبون علينا الحياة، ويجعلونها في حال لا تطاق، أكثر مما هي، حال تتطلب منا الحكمة والصبر والنفس الطويل، والحذر، وغياب عنصر المفاجأة لنا، من أي موقف يمكن أن يحدث كهذا، لأنه سيحصل.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .