يُعتبر العمل من أهم مقومات الحياة البشرية، فالبشرية لا تحيا إلا بالإنتاج وتطوير الحياة، فمنذُ أن خُلق الإنسان وهو يعمل ليكسب قوته، ويعيش حياته، ويُلبي احتياجات أسرته. ولأهمية العمل ودوره في بناء المجتمع خصصت منظمة الأمم المتحدة يوم الأول من مايو من كُل عام ليكون يومًا عالميًا للعمال، يتم فيه تكريم العُمال وتحسين أوضاعهم، فبالعمل يستطيع المرء أن يُوفر كل مستلزماته من سكن وطعام وتعليم وملبس وصحة، وسيعيش بأمن اجتماعي واقتصادي، فالعمل وقاية من الفقر والسرقة والعُنف الأسري، ويُساهم بتحسين الإنتاج المحلي للبلاد والتقليل من الاعتماد على الأسواق الخارجية، ويجتث البطالة بتشغيل العمالة المحلية.
يُنظر إلى العمل كفريضة دينية واجتماعية وإنسانية ويصل إلى مستوى العبادة، وتحض الشرائع السماوية على أدائه وإتقانه والإخلاص فيه، وأمرت بإعطاء العامل أجره المناسب بعد الانتهاء من عمله والعدل والمساواة في العمل بين الرجل والمرأة. كما يستحق العامل تأمينًا اجتماعيًا يشمل حوادث وإصابات العمل، فقانون العمل يلزم بتوفير الحماية للعاملين ضد ما يُهدد حياتهم أثناء ممارستهم العمل، ونيلهم الإجازات المرضية، وتوفير ما يحتاجونه من الأجهزة والمعدات الحديثة التي تساعد على إنجاز العمل بأقل وقت وجهد، وتأسيس النقابات العمالية التي تدافع عن حقوقهم.
ويكون دور العامل مُكملا لدور المُعلم والمُهندس والطبيب وغيرهم من الفئات المجتمعية، فكل فئة تقوم بدورها الاقتصادي والاجتماعي، ولا يستغني المجتمع عن أية فئة، ولا يمكنه أن يتطور ويتقدم إلا بها، ولا يمكن التقليل من دور العامل في كل المجالات الإنتاجية من زراعة وصناعة أو في المهن المتنوعة وبالتجارة. ويتجدد الاحتفال بالأول من مايو في البحرين في كل عام، حيث تقوم المؤسسات العامة والخاصة بتكريم العُمال وإعطائهم ما يستحقونه من التقدير، فالعمال ثروة اقتصادية وعلمية وتقدمية يجب الحفاظ عليها، ولابد أن يحصلوا على أجر يتفق مع ما يقدمونه من خدمات عظيمة. ففي اليابان والصين يكون أجر عامل النظافة أكبر دخل في المجتمع، فالمجتمع الزاهر والمتقدم هو مَن يُكرم العامل ولا ينظر إلى شكل عمله بل نوع إنتاجه، فإذا تجولنا في بلادنا وشاهدنا كل المباني والبيوت والمحلات والشوارع والأشجار والكهرباء والمياه سنجد أن وراء ذلك العُمال. فألف تحية للعُمال على ما يبذلونه من جهود لخدمة وطنهم وأمتهم.
كاتب وتربوي بحريني