ما يؤسفني حقيقة أن يكون التنظير في الحياة هو الرابح الأكبر! فنحصل على نصائح من أشخاص بدون خبرة، أو فتاوى من غير شيوخ الدين، أو حتى معلومات مهمة من أشخاص لا يوصفون بأنهم متخصصون أو علماء! فلا أسهل من صف الكلام وترتيبه وإبداء الرأي دون طلب لذلك، وقد زاد الطين بلة ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي سمحت لكل الأشخاص بأن يدلوا بدلوهم في كل المواضيع دون أخذ رأي الأكثر خبرة أو المتخصصين أو الممارسين أو العلماء!
إنه لمشهد تعيس حقا أن ينظر علينا من لم يخض التجربة، كأن يصف لك أحدهم مكانا بتفاصيله ثم تكتشف بعد ذلك أن هذا الشخص لم يزر المكان قط، وأن تلك الاجتهادات نتيجة قراءة ما أو معلومات عابرة أو صور رآها أو معلومات سمعها من غيره، وأنه لم يكلف نفسه عناء خوض التجربة ذاتيا! التنظير آفة كبيرة وخطرة ومهما بلغ الإنسان مداه من الاطلاع والاستماع والقراءة فإن خوض التجربة موضوع آخر يضفي بعدا حقيقيا ويكسب الأشخاص تجربة بتفاصيل معينة وخبرة حقيقية لن يكتسبها غيره مهما حاولوا! 
لقد خرج العلماء بالنظريات اثر التجارب التي قاموا بها وأثبتوا أو نفوا ما كان بودهم التحقق منه، فلم يكتف هؤلاء بالارتكاز على نظريات الآخرين والتغلل والبحث دون تجارب، إنما كانت التجارب لزاما حتى تثبت أو تنفي ما آلو إليه! 
ومضة
في البحرين نتحدث كثيرا عن الذكاء الاصطناعي حديثا يفوق الممارسات التي لا أستطيع أن أنكرها لكنها خجولة جدا أمام صيت وذيع كلامنا، يا حبذا لو تم إشراك المتخصصين الأكاديميين من علوم الحاسب الآلي والبرمجة في تلك المنظومة، بالإضافة إلى فتح المجال للوقوع في الأخطاء، من خلال استخدام بعض برامج الذكاء الاصطناعي التي ستوضح لنا ما يجب أن نسرع في تطويره وما يجب الاهتمام به، ناهيك عن السير في منظومة حقيقية تحفظ العلوم الإنسانية.

*كاتبة وأكاديمية بحرينية