العدد 5253
الجمعة 03 مارس 2023
banner
الرواية النمطية للطغيان
الجمعة 03 مارس 2023

في رد بليغ، انسحب عدد من المشاركين في اجتماع الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 23 فبراير 2023 في جنيف من الجلسة أثناء إسهاب وزير الخارجية الإيراني في ترديد أكاذيب وأباطيل على أساس أنها حقائق يجب اقتناع المجتمع الدولي بها، ومنها أن “التجمعات السلمية التي جرت بعد وفاة مهسا أميني المحزنة تجسدت في الشارع الإيراني تضامنًا مع شابة إيرانية، لكن تلك التجمعات السلمية تحولت إلى أعمال عنف بعد التدخل السيئ من قبل بعض العناصر الإرهابية”.


زاد الوزير بتأكيده أن إيران تعتبر احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية من مبادئها الأساسية المتجذرة في معتقداتها وتقاليدها الدينية والوطنية؛ قائلا: “إننا عازمون في هذا الإطار على مواصلة الجهود المضنية والمستدامة من أجل صون وتطوير حقوق الإنسان”.


ربما فرط غرابة التصريحات وخروجها عن السياق الصحيح هو ما دفع بالمشاركين في اجتماع أممي للانسحاب كإشارة واضحة على رفضهم ما جاء فيها، وإعطاء إشارة أخرى لجميع المتابعين بضرورة الانتباه وأخذ الحيطة والحذر من هذه التصريحات وما فيها من مغالطات. صحيح وكما قال الوزير الإيراني أنه “لا يحق لأية دولة أن تدعي أن أداءها قبالة حقوق الإنسان لا يعتريه أي خلل”، إلا أن هناك شواهد وإثباتات تؤكد الانحراف الإيراني الهائل في هذا السياق، ففيما يشبه النداء العاجل، طالبت “هيومن رايتس ووتش” في نوفمبر الماضي الدول الأعضاء في “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” التصويت على تشكيل بعثة مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في قمع إيران الدموي للاحتجاجات الواسعة كخطوة أولى نحو المساءلة.


وخلال نفس الشهر، قال مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك إن إيران تواجه أزمة كاملة تتعلق بحقوق الإنسان، نتيجة القمع العنيف الذي مارسته الدولة بحق الاحتجاجات، وقدر تورك عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم بـ 14 ألف شخص على الأقل، بينهم أطفال.


وفيما يعد ردًا مسبقًا على تصريحات الوزير الإيراني ومن على شاكلته، قال تورك خلال جلسة طارئة سابقة (في شهر نوفمبر 2022) لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، إن محاولات إيران نزع الشرعية عن الاحتجاجات تعتبر “الرواية النمطية للطغيان”.


* كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية