العدد 5247
السبت 25 فبراير 2023
banner
التنمية الاقتصادية والهجرة البشرية
السبت 25 فبراير 2023

يبدو أن معالم ودوافع هجرة البشر لم تتغير بصورة كبيرة، إذ لا تزال متواصلة بطبيعتها التي نعرفها من حيث انها في معظمها ليست ترفًا، إنما تمثل محاولة للخروج من واقع مادي صعب يدفع لخوض هذه التجربة ويجعل الشخص مستعدًا حتى لمواجهة مصاعبها ومتاعبها التي يسمع عنها بين فترة وأخرى، والتي تنتهي أحيانًا بالفشل وكوارث بشرية وأعداد من الوفيات، لكنه يكون قد وصل إلى المرحلة التي يشعر فيها أنه لن يخسر أكثر مما خسره.


ففي استطلاع للرأي أجرته مؤخرا “مؤسسة غالوب الدولية” شمل 57 دولة ونشر نتائجه الموقع الإلكتروني لإذاعة صوت ألمانيا (DW)، ومع افتراض عدم وجود عقبات قانونية، كشف عن جملة من المعلومات التي تكاد تكون معروفة من قبل بشأن الهجرة مكانيًا ومهنيًا وعمريًا، إذ أوضح الاستطلاع أن ثلث الأشخاص يرغبون في الهجرة، وأن الأجيال الشابة هي الأكثر رغبة، وأن سكان المناطق الفقيرة لا سيما في العالم النامي لديهم الرغبة في الهجرة لمكان أفضل وتزداد النسبة إذا كانت هذه الدول تعاني من حروب أو صراعات، وأن الناجحين والمتميزين في بلدانهم  يهاجرون عندما يشعرون أن سوق العمل لا يتناسب مع مهاراتهم أو يحد من هذه المهارات ولا يسمح بإبرازها وتطورها، ولعل هذا هو ما يدفع إلى ظاهرة هجرة العقول أو الأدمغة التي تعاني منها بعض دول العالم الثالث وتأخذ من قدراتها ومقدراتها لتضيفها إلى الدول المستقبلة لها.


رغم أن الاستطلاع أكد معادلة أنه كلما كان الناس أصغر سناً وأكثر فقراً، زادت احتمالية الهجرة بينهم، إلا أنه لاحظ أن دولاً مثل فيتنام والهند سجلت أرقامًا منخفضة جداً فيما يتعلق بالرغبة في الهجرة، وهو ما فسره رئيس مؤسسة جالوب الدولية بما شهدته هذه الدول من نمو اقتصادي متزايد في العقد الماضي، إضافة إلى قوة تأثير الجوانب الثقافية والدينية، وقوة الهوية الوطنية والتقاليد، وهي عوامل مهمة ينبغي أن تأخذ نصيبًا أكبر من الاهتمام والمراعاة عند البحث في حلول ومعالجات لظاهرة هجرة العقول المبدعة من الدول النامية إلى لدول المتقدمة.


* كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية