العدد 5222
الثلاثاء 31 يناير 2023
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
بالونة وانفجرت
الثلاثاء 31 يناير 2023

ما رأيكم بمشهد الطفل الذي يحمل بالونة بيده الصغيرة، يستمتع بها قليلاً وبحركاتها الهوائية، وتودعه بعد دقائق بفرقعة سريعة، بالتأكيد سيصرخ خوفًا من الصوت المزعج المفاجئ، وبعد لحظات سيستوعب الأمر فيضج بصراخه وهو يرى يده فارغة من ذاك الشيء الجميل، فلا يمر الأمر إلا بأخرى جديدة أو نسيان اللحظة بموقف آخر جديد. أتوقع أن الجميع مر بهذا الموقف إما طفلاً مستقبلاً أو موجهًا وليًا مرسلاً، والجميل أن الأمر ذاته متكرر ومستمر مع البالونة أو غيرها، وفي جميع مراحل حياتنا ويومياتها، لكن السؤال هنا هو.. كيف نحكم الأمر؟
قد يبدو الأمر ليس بذات البساطة في التقبل والمرور، لأن المشاعر غالبًا ما تتقاطع حينها فتصنع تشكيلتها من الفعل ورداته وتلون المشهد وفقًا لتداعياته.. لذلك فإننا عندما نحمل أنفسنا فوق طاقتها فإننا نبدو كتلك البالونة التي أثقلت بالهواء فلم تتحمل الضغط فانفجرت، حينها فإننا لا نضمن إصدارات الفعل التي تمتزج بحال المرسل والمستقبل وجملة التراكمات التي تصنع الأحداث، هكذا نبدو في مختلف مراحل حياتنا، لكن بنسخة جديدة خبراتها متراكمة من الأحداث، لكن البالونة هي ذاتها لم تتغير، إلا بمستوى الطاقة التي تستودع داخلها، فإما أن تبقى وتأخذ مسارها أو تنفجر ونستقبل منها عدة رسائل تتحدد معها مسارات حياتنا القادمة بعدها. هنا أعزائي القراء أود الحديث عن قضية في غاية الأهمية تلك التي تتعلق بالشرود المتكرر عن تبعات تلك المواقف دون الاستفادة من نتائجها ظنًا منا أنها بسيطة ولا تستدعي التفكير، فالبعض يعتقد أن الموقف عبارة عن لحظة خوف ومرت، لكنني أقول ماذا لو مرت بتصفيق حار وضحكات مؤججة للنفس؟ فأي الموقفين أبقى وأقوم؟
فتكرار التغافل والتجاهل عن تلك الوقفات السريعة مفادها النضوج التام بمستوى أكبر وانفعالات أعمق، تلك التي يستصعب أن تمر دون أثر وذكرى لا يمكن معها الاستبدال ببالونة ترتضي معها النفس بعد تعرضها لصدمات وكدمات تلك المواقف التي كانت تبدو بسيطة حينها، لأنها بعد زمن تبدو سلسلة من الأحداث المتصلة التي لا يمكن الإيقاع بها واستبدالها بالأفضل.. وهذا ما يجعل أمورنا تنقلب بالضد ونحن لا ندرك، والسر هنا يعود في الأصل لمن يصنع الموقف لأن “كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده”.
* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .