“خذ المتيسر وخل المتعسر”.. إنها عبارة والدي المشهورة، ولطالما سمعتها منه كثيرًا عندما كان يجتهد نحو إقناعنا ببعض الأمور التي تختلف فيها وجهات النظر بيننا، أقول هذا ويعود بي الزمن إلى ذلك الوقت الذي لا هم فيه لنا سوى الحصول على المكتسبات رغمًا عن الظروف والتحديات، لم أعيها في ذلك الحين وأنا أعيش لحظات التحدي والإصرار إلا بعد الوصول لمرحلة تستوجب التمعن قليلاً، وأفكر في تلك العبارة التي بتكرارها جعلتني أستشعر قيمة الأشياء التي أمتلكها، بدأت الشعور بتقدير الظروف التي كانت فعليًا تساعدني في شحن طاقتي بشكل إيجابي، حتى ابتعدت كليًا عن النظر إلى الجزء الفارغ. 
اليوم وأنا أستحضرها في هذا المقال، يسعدني أن أبني وجهة نظر مغايرة لفهمنا لتلك العبارة حينها، فقد كانت تكنيكًا واعيًا لتوجيه التفكير نحو قيم القناعة التامة وتقدير الذات، ومن خلالها توجهت أنظاري وإمكانياتي نحو الاستفادة مما أمتلك من إمكانيات وقدرات بكل حب وتقدير، والتي من خلالها تهيأت الظروف لما كان صعبًا عسيرًا حينها، فالأمور تترتب بالصبر والأناة، وتأتي الأمنيات خطوة بخطوة دون عناء، وهي ببساطة تامة عبارة تحفيزية الهدف منها عدم الاستعجال في تحقيق ما لا تستطيع في وقت غير متاح، سعيًا نحو تدريب النفس على توظيف الإمكانيات لتذليل التحديات وتخطيها للوصول نحو ما كان عسيرًا حينها ببساطة تامة، وهكذا بإمكاننا أن نشحن طاقتنا ونتحدى أنفسنا، وجئت مدركة لها تمامًا بعد مضي عدد من السنوات، وتكرار الصور ذاتها أمامي يوميًا مع طلبة الدراسات العليا بالجامعة، حيث إنهم في صراع يومي مع ما تحمل أيامهم من أثقال فتبدو عسيرة صعبة أمامهم، أحاول الرفع معهم بكل قوتي وإزاحة ما يمكن تأجيله حتى بلوغ ذاك الحين، بغية تنظيف المشاعر وتنقيتها كي تهدأ نفوسهم بعض الشيء من القلق والتوتر، ومنها قد تتيسر لهم الكثير من الأمور التي تتطلب منهم بعض الرفق بذواتهم علهم الآن يستعدون معي بطاقة من التحفيز للمرحلة القادمة.. فرسالتي المعهودة لهم: “استمتعوا باللحظات الجادة التي تمر عليكم وانظروا خيراتها ولا تهابوا القادم لأنه سيكون أجمل وأبهى”، هكذا أعزائي القراء أدركت الحياة، من تلك العبارة، “شكرًا والدي العزيز”.
* كاتبة بحرينية