من اللافت أن إيران تتوارى في التقارير الدولية التي تتناول المؤشرات الإيجابية كالتنمية والحرية والديمقراطية وغيرها، بينما تسجل حضورًا كبيرًا ومخزيًا بطبيعة الحال في المؤشرات السلبية كالعنف والقمع والإرهاب والتضييق على الحريات وغيرها، وكان آخرها ما يحدث حاليا من تزايد حالات إعدام مواطنين إيرانيين لمشاركتهم في الاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر الماضي بعد أن فشلت في إخماد أصواتهم بالعنف والقوة، فما كان منها إلا اللجوء لسلاح موجع ومزهق للنفس، وفي نفس الوقت قد يكون خافيًا عن الخارج الذي يتابع ويراقب حتى الآن فقط دون أن يضغط لتغيير نهج هذا النظام رغم ما يصدره من أزمات للمجتمع الدولي كله.
في العاشر من يناير الجاري 2023م انتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الإعدام في إيران، وقال إن طهران تستخدم العقوبة سلاحاً لتخويف المواطنين الإيرانيين والقضاء على المعارضة وإن إعدام محتجين دون الإجراءات الواجبة يرقى إلى قتل بموافقة الدولة، وذلك على خلفية تنفيذ حكم الإعدام بأربعة أشخاص ومع توقع تنفيذ حكمين آخرين قريبا فيما حكم على 17 شخصا على الأقل بعقوبة الإعدام.
ليس هذا هو الانتقاد الدولي الوحيد، بل سبقته العديد من الانتقادات أبرزها للمتحدث باسم الأمم المتحدة مستيفان دوجاريك عندما استنكر في ديسمبر الماضي إعدام الشاب الإيراني محسن شكاري في سياق الاحتجاجات الراهنة، والذي دفع أيضًا بعدد من الخبراء الأمميين إلى إصدار بيان لإدانة هذا الإعدام وغيرها من أحكام الإعدام التي تتم بعد محاكمات غير عادلة باعتبارها حرماناً تعسفياً من الحياة.
في 4 مايو 2022م، ذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية أن العدد العالمي لعمليات الإعدام في عام 2021 زاد بنحو 20 في المئة، مقارنة بعام 2020، وأن إيران أحد الأسباب الرئيسية، إذ إن 54 % من عمليات الإعدام في العالم تمت في إيران، وتم تسجيل ما لا يقل عن 314 عملية إعدام في عام 2021 بعد أن كان 246 شخصاً عام 2020، وهو ما يمثل زيادة كبيرة ورقمًا قياسيًا جديدًا لإيران، اعتبارًا من عام 2017 فصاعدًا، ما يضع إيران ضمن أعلى الدول تنفيذا لعقوبة الإعدام.
* كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية