العدد 5174
الأربعاء 14 ديسمبر 2022
banner
انهيار نيمار
الأربعاء 14 ديسمبر 2022

حتى لو لم تكن من المهتمين بكرة القدم ولو لم تكن من محبي ومشجعي منتخب البرازيل صاحب التاريخ الطويل والحظ الأوفر من المهارات الكروية والأداء الجمالي الممتع للمشاهد، فلن تملك إلا التعاطف وربما “التألم” على مشهد انهيار “نيمار دا سيلفا” أمهر لاعبي البرازيل في الوقت الحالي الذي انتابته نوبة من البكاء الحار، والذي - رغم مواساة الزملاء والمنافسين له - استمر لفترة ليست قصيرة في أرض الملعب أمام الآلاف من الجماهير البرازيلية الحزينة والمصدومة إثر الهزيمة من منتخب كرواتيا وتوديع مونديال كأس العالم من الدور ربع النهائي، وهو المنتخب الذي يأتي دائما ضمن أوائل المرشحين لحصد هذا الكأس العالمي على امتداد تاريخه.
صحيح لا يخلو حزن نيمار وحسرته من بعد شخصي يتمثل في رغبته في تسجيل مشاركات وأهداف وأرقام قياسية في هذا المحفل الكروي العالمي الأشهر أسوة بغيره من أساطير اللعبة سواء في بلاده أو خارجها، لكنني نظرت للمشهد نظرة مختلفة ورأيته بمثابة اعتراف واعتذار من نيمار للمسؤولية عن حزن الجمهور وحسرته على توديع المونديال، في جلسة محاكمة علنية وتلقائية يجب أن تظل عالقة بذهن كل من يتصدى للعمل العام، حيث ولدت الوجوه البرازيلية الحزينة شعورا عميقا بالمسؤولية من قبل اللاعب نيمار الذي يدرك أن الآمال كانت معقودة عليه بدرجة أكبر من زملائه في تحقيق حلمها بالفوز بالكأس، مع إحساس اللاعب بوجود نوع من التقصير في الأداء والعمل الفردي والجماعي.
الدرس الأهم مما حدث علنًا وأمام الملايين من “نيمار” في مونديال قطر 2022، هو أن يدرك كل مسؤول أن هناك قاعدة عريضة من المتأثرين - سلبًا وإيجابًا، فرحًا وحزنًا - بقراراته، وأن عليه أن يكون صادقًا مع نفسه ومع مهمات منصبه ثم يعمل وفق مقتضيات هذا المنصب وبما يحقق صالح وطنه. من الدروس المهمة أيضًا أنه مهما بلغت كفاءة وقدرة مسؤول ما، فإن نجاح المنظومة وتحقيق الأهداف المرجوة لن يكون إلا بجماعية الأداء باللغة الكروية أو بالتكامل والتعاون بين الجميع والعمل وفق خطط واضحة ومرسومة بدقة وعناية وفق الظروف والأهداف.
* كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية