من حق البرتغالي كارلوس كيروش، المدير الفني لمنتخب إيران لكرة القدم أن يغضب ويوجه اللوم لمشجعي فريقه، عقب الخسارة التي تعرض لها الفريق أمام منتخب إنجلترا بنصف دستة أهداف مقابل هدفين في اللقاء الأول للمنتخب الإيراني بمونديال كأس العالم في قطر، فهو بالنهاية مدرب “أجنبي” يهمه الفوز لتعزيز سمعته التدريبية العالمية ويدرك جيدا أن هذه الخسارة القاسية تؤثر على مستقبله.
لكن من حق الجماهير الإيرانية المتواجدة في قطر أيضًا أن تتعامل مع هذا المحفل الرياضي العالمي كفرصة للتعبير عن موقفها وإظهار قضيتها للعالم أجمع، فانصرفت عن المباراة وركزت على قضية أهم من نتيجتها وأعلنت تضامنها مع الاحتجاجات الموجودة في البلاد رفضًا للقمع والعنف ومطالبة بالحرية والحقوق، فجاءت نصيحة كيروش لهؤلاء، قائلا “أنصح الذين ليسوا على استعداد لدعم منتخب إيران بالبقاء في المنزل. أرجوكم، أيها المعلمون، والأخلاقيون، دعوا الفتية يلعبون المباراة.. إنهم يريدون فقط أن يمارسوا كرة القدم”.. واختتم كيروش تصريحاته قائلا “أنا فخور جدًا بما قاموا به ولكن بالطبع في عامي 2014 و2018 حصلنا على دعم كامل من الجماهير. لقد رأيت ما حدث اليوم، ينبغي أن يظل المشجعون غير المستعدين لدعم الفريق في المنزل”.
لقد تجاهل كيروش ذلك الانسجام بين موقف هذه الجماهير وموقف اللاعبين أنفسهم الذين رفضوا ترديد نشيدهم الوطني في إعلان واضح عن التضامن مع المتظاهرين المناهضين للنظام الإيراني، وكان هذا الموقف منهم محفزًا أيضًا للجماهير لتعلي صافرات الاستهجان خلال عزف النشيد، إضافة إلى إظهار لافتات لدعم حقوق المرأة، بل شوهدت جماهير إيرانية ترتدي قمصانا مكتوب عليها “السيدات، حياة، حرية”.
لعل المدير الفني وجد في موقف الجماهير “شماعة” لتبرير أسباب خسارته الكبيرة، وصرف الأنظار عن سوء الأداء “الخططي والتكتيكي” داخل الملعب، ولكن الحقيقة الأهم ربما الغائبة عن السيد كيروش هي أن منازل هؤلاء الجماهير في بلدهم غير آمنة كي يعيشوا فيها بحرية تسمح لهم بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم تجاه قضايا وطنهم.
*كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية