إذا كان مونديال كأس العالم 2022 الذي تستضيفه دولة قطر هو الأكثر جدلاً وإثارة في تاريخ كأس العالم ربما منذ انطلاقته عام 1930م، بما أثير حوله من انتقادات طيلة سنوات حول قضايا مثل حقوق الإنسان والحريات والعمال وغيرها، فإنه أيضًا الأغلى في التاريخ بتكلفة تجاوزت 200 مليار دولار وفقًا لكثير من التقديرات المتابعة والمتخصصة وبفارق شاسع ومهول، ولاسيما إذا ما علمنا أن تكلفة المونديال الذي أقيم في البرازيل عام 2014 الذي كان يحتل المرتبة الأولى (قبل مونديال قطر) ومونديال روسيا عام 2018 الذي كان بالمرتبة الثانية كانا أقل من 15 مليار دولار، بل إن التقديرات المبدئية لمونديال قطر نفسه في عام 2010 كانت 65 مليار دولار فقط.
المتابعون والمتخصصون يربطون بين النسبة الأكبر من هذه التكلفة وبين تنفيذ مشروع رؤية قطر الوطنية 2030، إذ تم الإنفاق طيلة الفترة من 2010 إلى وقت إقامة المونديال خلال الشهر الجاري نوفمبر 2022 على إنشاء بنية تحتية وتشييد شبكات طرق جديدة وإنشاء عشرات الفنادق بقصد التهيئة لتحقيق حلم استضافة كأس العالم، إلا أن هؤلاء يؤكدون أن دولة بحجم قطر لن تكون بحاجة للكثير من المنشآت والملاعب التي قامت بتجهيزها استعدادًا للمونديال وهو ما يعني أنها خاسرة من الناحية التجارية من استضافتها لمونديال 2022م، لكن قطر تنظر لهذا الحدث من زاوية أخرى وتهدف من ورائه لتحقيق مكاسب استراتيجية مع تزايد شعبية كرة القدم وما يحظى به مونديال كأس العالم على وجه الخصوص من متابعة من كل شعوب العالم ومشاركات رفيعة المستوى في عالم الرياضة والسياسة والاقتصاد.
إن ما أثير حول مونديال قطر من قضايا حقوقية سيجعله تحت المجهر والمراقبة وسيزيد الشرائح والفئات والأطياف المتابعة له، فهل ستصمد قطر في المواجهة والخروج بالمونديال لبر الأمان حقوقيًا ورياضيًا وتفتح الباب أمام إسناد هذا المحفل العالمي الضخم لدول عربية أخرى مستقبلاً؟.
كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية