العدد 5163
السبت 03 ديسمبر 2022
banner
فرحة بالخسارة
السبت 03 ديسمبر 2022

يمثل مونديال كأس العالم قمة المنافسات الكروية، فالوصول إليه حلم تسعى إليه مختلف دول العالم، والمشاركة فيه إنجاز تتباهى به، والفوز بأية مباراة فيه أو إحراز أي هدف يظل مصدر فخر واعتزاز لصاحبه.
لكن، حينما نشاهد جماهير تقيم احتفالات بعد خسارة منتخبها الوطني، فهنا علامة تعجب كبيرة حول دلالات هذه الفرحة عند الهزيمة، فقد أظهرت بعض اللقطات والمشاهد قيام محتجين إيرانيين بإطلاق الألعاب النارية والرقص والاحتفال بعدد من الشوارع بخسارة المنتخب الوطني الإيراني أمام الولايات المتحدة الأميركية في ختام الدور الأول وتوديع مونديال كأس العالم المقام في قطر.
غالبا ما توحد مثل هذه اللحظات المونديالية قلوب ومشاعر الجماهير بمختلف انتماءاتها وميولها، إلا أن السياسات القمعية للنظام الإيراني طغت وهيمنت وخلقت مشاعر معادية لكل ما يمت لهذا النظام بصلة حتى لو كان منتخب كرة القدم وحتى لو كانت المباراة ضد الولايات المتحدة الأميركية.
إذا كنا بصدد مباراة بكرة القدم، فالأمر قد يكون هينًا، إلا أن الخطورة أن عدم الانتماء والولاء مرشح للاتساع ليعم مختلف المجالات ويشمل فئات أكثر ولن يقتصر على المحتجين فقط، خصوصا إذا ما علمنا أن من بين المشاركين في الاحتجاجات المستمرة منذ شهور أطفال المدارس في ظاهرة “غير مسبوقة” في إيران، وسترسخ في وجدان وعقول هؤلاء صورة سلبية عن النظام الذي يفتك بهم ولن يحملوا أية مشاعر إيجابية تجاهه طيلة حياتهم. هذا ما تخوف منه النظام الإيراني، أي تمدد عدم الولاء إلى فئات وشرائح أشد تأثيرًا مع إطالة أمد الاحتجاجات وعدم وضوح نهاية لها حتى الآن، فلجأ إلى الحل الذي لا يعرف غيره وهو تحفيز الأجهزة الأمنية على مواصلة وزيادة القمع وكسب رضاهم وولائهم، حيث قرر البرلمان الإيراني زيادة رواتب قوات الأمن بنسبة 20 %، في خطوة تم تفسيرها رسميا بأنها تهدف إلى المواءمة بين رواتبهم ورواتب موظفي المناصب المدنية، لكنها في باطنها تحمل تخوفا من انقلاب هؤلاء ضد قرارات النظام وضحايا هذه القرارات التي يشكلون أداة تنفيذها.
* كاتب مصري متخصص في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .