العدد 5169
الجمعة 09 ديسمبر 2022
banner
نحو تعزيز العلاقات العربية الصينية
الجمعة 09 ديسمبر 2022

يوغل البعض أحياناً في التحليل ليصل لاستنتاجات لا تمت للواقع بصلة، ومن هذه التحليلات تلك التي ترى في التقارب السعودي - الصيني نكاية في الولايات المتحدة الأميركية واصطفافاً مع المعسكر الروسي في الحرب التي تخوضها ضد أوكرانيا.
من الأساسيات التي تقوم عليها السياسة الإدراك بأن أية صناعة للقرار السياسي تعلي المصلحة القومية فوق أي معيار آخر ومن مصلحة المملكة العربية السعودية ودول الخليج تحديداً، تعزيز علاقاتها مع الصين، في توجه يعكس أهمية تنويع التحالفات في ظل تقلب المواقف الغربية تجاه دول المنطقة وعدم استقرارها، وهو ما شهدناه في الكثير من المواضع مثل التهديد بوقف تزويد الأسلحة أو تمرير قرارات مناوئة لدولنا من خلال البرلمانات الغربية.
لربما تزامن احتضان الرياض القمم الخليجية والعربية الصينية مع اضطراب العلاقات مع واشنطن إثر قرار منظمة أوبك بلس خفض إنتاجها من النفط، الأمر الذي تم تفسيره على أنه قرار يهدف للإضرار بواشنطن والغرب، في ظل أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية – الأوكرانية، في ضوء ذلك قرأ البعض هذه القمم بأن فيها تحدياً واستفزازاً لواشنطن والبعض رأى بها توجهاً جديداً نحو الصين يلغي ما قبله من تحالفات.
من قام بالبناء على المعطيات الأخيرة تجاهل العديد من النقاط الأساسية التي من أهمها أن الدول العربية والخليجية عززت علاقتها مع الصين منذ فترة طويلة، من خلال قيام المنتدى العربي الصيني في عام 2004 خلال زيارة الرئيس الصيني السابق لمقر جامعة الدول العربية، والذي ساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقات بين الدول العربية والصين، كما أن زيارة الأمين العام لدول مجلس التعاون نايف الحجرف للصين بداية العام الحالي أي قبل اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية يعكس الاهتمام بتعزيز وتوطيد العلاقات الخليجية مع الصين، إضافة لذلك فإن المضي في تطوير العلاقات مع دولة ما لا يعني هدم أو الإضرار بعلاقات قائمة وممتدة منذ عقود، وهنا أشير للعلاقات مع واشنطن بالتحديد وهي الحليف القديم والشريك الأساسي لدولنا حتى إن فترت أو اضطربت العلاقة في فترة من الفترات، فذلك لا يعني أبداً التخلي عنها، لكن تنويع التحالفات وتوطيد العلاقات حق مشروع لأية دولة كاملة السيادة.
نضطلع كشعوب خليجية وعربية لمخرجات هذه القمم ونحن على يقين بأنها ستصب في مصلحة الوطن العربي، آملين ألا يجتهد البعض لدرجة أن يفسر الأمور في غير سياقها.
* كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية