يتحفنا دائماً الفنان المبدع “روان أتكينسون” المعروف باسم “مستر بين” الشخصية التي قدم من خلالها الأعمال الصامتة الخالدة التي لا تنسى أبداً؛ لأنها صيغت بعناية فائقة من قبل مجموعة من الكتاب وتحت إشراف أتكينسون نفسه الذي اعتاد أن ينطق الشاشة بأصوات ضحكات المشاهدين لسيناريوهاته وإبداعاته المميزة.
وفي آخر ظهور لأتكينسون يعود الصمت معه تحت مسمى “رجل في مواجهة نحلة”، وهو العمل الذي بدأ عرضه مؤخراً على منصة “نتفلكس”، والذي لاقى رواجاً واستحساناً من قبل الكثير من المشاهدين منذ انطلاقة عرضه. تتلخص فكرة المسلسل في أب يدعى “تريفور”، يجد لنفسه مبرراً دوماً لخسارته الوظائف التي يحصل عليها؛ ربما لضعف ذكائه أو إصراره الدائم على الاهتمام بتوافه الأمور، ما يخلق له أحداثاً متتالية مليئة بالمشكلات والأزمات، ويتعاظم الأمر عندما يحصل على وظيفة حارس لبيت فخم جداً، يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويقرر ساكناه أن يذهبا في رحلة ويتركا لـ “تريفور” مواجهة غير اعتيادية مع نحلة، تتسبب له بإزعاج بالغ ليس له نظير؛ إذ تبدي النحلة إصراراً في خوض حرب ضروس تكون لها الغلبة فيه.
ويتميز المسلسل بالاعتماد على موقع واحد فقط، وهو ما يجعل الأمر صعباً إلى حد ما؛ لشدة احتمالية وقوع المشاهد بالملل، كما أن هناك حرفية عالية في الرسوم المتحركة من خلال شخصية النحلة، إضافة إلى شيء من المؤثرات البصرية المتقنة التي تعطي شعوراً بواقعية الحدث والحركة، والأدهى من ذلك أن يتفرد العمل بالاعتماد على شخصية واحدة، وهي شخصية تريفور، اعتماداً كبيراً، وهو في الواقع ما دأب عليه أتكينسون في مختلف أعماله التي يقدمها، ولكن تبقى أحادية البطولة خياراً غالباً ما يحاول صناع الدراما الابتعاد عنه هذه الأيام، لكن نجم بحجم أتكينسون استطاع بكل جدارة جذب انتباه وتشويق المشاهد على امتداد دقائق العمل الذكية التي لم تتجاوز في الحلقة الواحدة عشر دقائق تقريباً في رائعة من روائعه الممتدة إلى نحو تسع حلقات مشوقة ومليئة بالترقب والضحكات، وبالتالي فإن كل هذه المرتكزات، والتي فند بعضها فرضيات درامية متعارفا عليها، أكدت كمحصلة نهائية أن “الصمت” وبعودته هذه المرة مازال في أوج قوته وعطائه رغم اقترابه النسبي من عامه السبعين.