العدد 4998
الثلاثاء 21 يونيو 2022
banner
المستقلون في مقارعة الجمعيات
الثلاثاء 21 يونيو 2022

تسيدت الجمعيات السياسية منذ انتخابات (2002) ولغاية (2010) تقريباً المشهد السياسي، وأدارت دفة الانتخابات بشكل كبير، فكانت وقتئذ معظم الدوائر الانتخابية محسومة لبعض الجمعيات، ومهما كان المترشح الذي تقدمه الجمعية السياسية قوياً أو ضعيفاً، محنكاً أو ركيكاً أو حتى عديم الفائدة فإنه يظفر بالمقعد النيابي المحسوم لجمعيته، وذلك بسبب نفوذ هذه الجمعيات وتأثيرها الواضح على الناخب لأسباب عدة، وأكثر هذه الأسباب توغلاً الاتجاه الديني لهذه الجمعيات، فضلاً عما تمتلكه من أذرع خيرية وظفت فيما بعد كقوى يمكنها التحكم إلى درجة ما ببوصلة الاقتراع.


أما بعد تلك الحقبة، وبعدما تغيرت قواعد اللعبة السياسية، وتهاوت قلاع بعض هذه الجمعيات الواحدة تلو الأخرى، استغل المستقلون الموقف، واستطاعوا السيطرة حتى هذه اللحظة على المشهد النيابي، بغض النظر عن بعض الشخصيات المحسوبة على تيارات معينة - لا تخفى على الجميع - ممن حالفهم الحظ في الفوز، فإن ظهورهم بمظهر المستقلين زاد من حظوظهم الانتخابية؛ فالظاهر المستقل يعد واحداً من الخيارات الأكثر فائدة وحظوظاً بالمقارنة مع الانضواء تحت مظلة القوى السياسية المتمثلة في الجمعيات.


في الواقع، وكما هو معروف ومفهوم، فإن القوة مع الجماعة، وإن صوتاً واحداً في أي مجلس نيابي لا يوازي أصوات كتلة نيابية، يتضاعف ثقلها مع ازدياد عددها وتماسكها وتوافقها، لكن يبقى القرار الجمعي وفقاً لأجندة سياسية محددة لا يحظى بكل تأكيد في بعض الأحايين بالتوافق الكلي؛ فاختلاف الآراء أمر طبيعي ووارد، لا يمكن إغفاله على الإطلاق، ويحدث حتى لو لم يكن على المستوى القيادي للجمعية السياسية فإنه على الأرجح يكون حاضراً بين عناصر الدائرة الأوسع لهذه الجمعية.


ومن هنا تبرز قوة واختلاف العنصر المستقل الذي تتشكل آراؤه وقراراته بعيداً عن ضغط الجماعة، وقد تسمح هذه الحالة - بشكل عام - بصدور قرارات أكثر اتزاناً بالمقارنة مع قرارات عناصر الجمعيات السياسية التي تلقى ضغوطاً تلزمها بالتنفيذ وربما عن غير قناعة، والأكثر جدوى وقوة من هذا كله هو تشكلات الكتل المستقلة فيما بعد، تحت قبة البرلمان، والتي قد تصبح أكثر تأثيراً من الاستمرار في الاستقلالية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .