+A
A-

زينب لـ“البلاد”: تبرعت بكليتي لأختي... وهذه المرة ألمي كان “راحة”

- لو كنت مكان ليلى فلن تتوانى عن منحي جزءا منها

- جزء مني يعيش في جسد أختي شاهد على قوة الحب العظيمة

- كم هو عظيم عند الله أن تتبرع بأعضائك لتحيي أنفسا أرهقها المرض

- مؤلم عدم وجود من يتابع المرضى بعد الزراعة فتتدهور حالتهم ويموتون

“أن تتبرع بعضو منك لأخ هو شيء بديهي لتنقذ من تحب، أما أن تهب عضوا منك لمن لا تعرف فهو هدية الله لك وهدية منه عبرك لتمنح حياة جيدة لآخر”. بهذه العبارة بدأت المتبرعة زينب الليث حديثها عن قصة تبرعها بكليتها لشقيقتها ليلى.


وبعد أن أعيا المرض شقيقتها الصغرى ليلى التي استمرت قرابة العام على أجهزة الغسيل الدموي للكلى، لم تتوانَ زينب في أن تجري الفحوصات الطبية بعد أن قرر الأطباء إجراء زراعة الكلى لإنهاء معاناة الأخت التي لم يعد يتحمل جسدها الضعيف مزيدا من الغسيل والألم.

بطاقة تبرع زينب
كانت علاقتها وطيدة بأختها، وكانت تدعو الله أن يقع الاختيار عليها لتستطيع أن تهب جزءا منها وأن تنتهي معاناتها مع الألم وأن يعود بريق الأمل في عينيها التي كادت تذبل بعد معاناة طويلة وقاسية مع متلازمة الكلى.


وبعد نتائج الفحوصات الطبية وتأكيد التطابق بين الأختين، تأجلت العملية 6 أشهر، ورغم قدوم الطبيب المختص بإجراء العمليات من الخارج مرتين خلال هذه الفترة إلا أن موعد العملية تأجل لأكثر من سبب.


كان الوقت حرجا ولم يكن في صالح ليلى المريضة التي تقضي معظم ساعات يومها على أجهزة الغسيل الدموي، لتقرر الأسرة أن تجري العملية في مركز حامد العيسي بدولة الكويت.


في يناير 2018 أجريت العملية المنتظرة بترقب وقلق شديدين، وتصف زينب هذه الفترة قائلة “كانت المرة الوحيدة التي شعرت فيها بأن الألم راحة لي بعد أن أجريت عملية التبرع لأختي بالكلية، لم أكترث بما كنت أشعر به من ألم، إن لم أقل إني لم أشعر به حينها، كان كل همي أن تعود أختي لحياتها الطبيعية وأن تعيش ما لم تعشه طوال سنين عمرها العشرين”.


وتكمل “لم تكن شجاعة أو تضحية، بل كانت يقينا بأن العملية هي السبيل الوحيد بأن تعيش أختي الحبيبة، ولم تكن بطولة بقدر ما هي بديهة، ولو كنت مكان ليلى فلن تتوانى أو أي أحد من أسرتي بأن يقدموا لي جزءا من أعضائهم”.

زينب قررت التبرع بجميع أعضائها بعد الوفاة
زينب اليوم بكلية واحدة عاشت وأنقذت أختها من مصير معروف بعد رحلة معاناة مع فشل الكلى، تزوجت كأي فتاة أخرى في عمرها، أنجبت كأي أم، إلا أنه يعيش جزءا منها في جسد أختها، شاهدا على قوة الحب العظيمة التي لا يدركها كثيرون.


لزينب رؤية واضحة سبقت عملية التبرع، فهي حاصلة على بطاقة متبرع بالأعضاء بعد الموت، وكانت قد قررت بإرادتها وبشجاعة مطلقة أن تهب كليتيها وكبدها وقرنتيها وجلدها لكل من يحتاجها، وكان ذلك عبر جميعة أصدقاء الكلى في 2016.


تقول “للأسف أن بموت الإنسان تنتقل الولاية عليه إلى أهله، وفي مجتمعنا لا يوجد لدينا ثقافة التبرع بالأعضاء، ويعتبرون التصرف بجسد الميت انتهاكا لحرمته، في حين أن التبرع بالأعضاء الصالحة للزراعة بعد الموت تعتبر صدقة جارية عن الميت وإحياء لنفس تموت كل يوم من المرض، وبدلا من شراء أعضاء شخص حي أو نقل الأعضاء بشكل غير قانوني وغير مشروع والمخاطرة بأكثر من روح، يرفض ذوو المتوفى التبرع بأعضائه وإن كان أوصى بذلك قبل الموت”.


وتكمل “زيارة واحدة لمركز غسيل الكلى تقنع أكثر من أي رسالة بأن يهب الناس حياة لمرضى مصيرهم العذاب والموت، وكم هو عظيم عند الله أن تتبرع بجسدك الفاني بعد أن خرجت روحك لتحيي أنفسا أرهقها المرض ليبقى جزءا منك في هذه الحياة في جسد آخر.


وتزيد “نحن المسلمين أولى بأن نمارس هذا المفهوم وليست الديانات الأخرى التي قد لا تؤمن بوجود الله ولا تعي معنى الصدقة، كمسلمين ونؤمن أن بالروح تبقى بعد الموت لا الجسد، ونحن أولى بأن نتبرع بالأعضاء”.


وعن معاناة زارعي الأعضاء في البحرين تقول زينب “لا نملك مركزا لزراعة الأعضاء مجهزا جهوزية كاملة لنقل الأعضاء مباشرة بعد الموت والاستفادة من جسد الميت قبل تلف الأعضاء، خلافا لكثير من الدول الخليجية، ما يضيع الفرص على كثير من المرضى الذين ينتظرون من يخلصهم من أوجاعهم”.


وتختتم زينب: الأقسى من ذلك أولئك الذين يمنحهم الله حياة أخرى وقدر لهم أن يزرعوا عضوا أو جزءا منه لا يجدون من يتابع حالاتهم، وبينهم من انتكست حالته وتدهورت بعد أن عاد له الأمل في الحياة، فضلا عن مشكلة زارعي الكلى مع أدوية المناعة التي يتسبب تأخرها بانتكاس العضو.